الجنة فثواب اهتدائه له {ومن ضلّ} أي: كفر بها أو بشيء منها {فإنما يضل عليها} أي: على نفسه؛ لأنّ وبال ضلاله عليها؛ لأنّ من ترك الباقي وتمسك بما ليس في يده منه شيء فقد غر نفسه. ثم قال صلى الله عليه وسلم {وما أنا عليكم بوكيل} أي: حفيظ، أي: موكول إليّ أمركم وإنما أنا بشير ونذير. قال ابن عباس: وهذه الآية منسوخة بآية السيف. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
{واتبع} يا محمد {ما يوحى إليك} بالامتثال والتبليغ {واصبر} أي: على دعوتهم وتحمل أذيتهم {حتى يحكم الله} أي: بنصرك عليهم وإظهار دينك أو بالأمر بالقتال {وهو خير الحاكمين} إذ لا يمكن الخطأ في حكمه تعالى لاطلاعه على السرائر كاطلاعه على الظواهر، فحكم بقتل المشركين والجزية على أهل الكتاب يعطونها عن يد وهم صاغرون. وأنشد بعضهم في الصبر:
*سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري ... وأصبر حتى يحكم الله في أمري
*سأصبر حتى يعلم الصبر أنني ... صبرت على شيء أمرُ من الجمر
وروي أنّ أبا قتادة تخلف عن تلقي معاوية حين قدم المدينة، وقد تلقته الأنصار، ثم دخل المدينة فقال له: ما لك لم تتلقنا؟ قال: لم يكن عندنا دواب. قال: فأين النواضح؟ قال: قطعناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر. وقد قال صلى الله عليه وسلم «يا معشر الأنصار إنكم ستلقون بعدي أثرة» . قال معاوية: فماذا قال؟ قال: «فاصبروا حتى تلقوني» قال: فاصبر. قال: إذاً نصبر. فقال عبد الرحمن بن حسان:
*ألا أبلغ معاوية بن حرب ... أمير الظالمين ثنا كلامي
*بأنا صابرون فمنظروكم ... إلى يوم التغابن والخصام
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة يونس أُعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق يونس وكذب به وبعدد من غرق مع فرعون» حديث موضوع.
عليه السلام مكية
إلا وأقم الصلاة الآية وإلا فلعلك تارك الآية وأولئك يؤمنون به الآية مائة وثنتان أو ثلاث وعشرون آية، وكلماتها ألف وسبعمائة وخمس عشرة، وحروفها سبعة آلاف وستمائة وخمسة أحرف. وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، عجل إليك الشيب؟ قال: «شيبتني هود وأخواتها. الحاقة والواقعة وعمّ يتساءلون هل أتاك حديث الغاشية» .
{بسم الله} أي: الذي له تمام العلم وكمال الحكمة وجميع القدرة {الرحمن} لجميع خلقه بعموم البشارة والنذارة {الرحيم} لأهل ولايته بالحفظ في سلوك سبيله، وقوله تعالى:
{الر كتاب} مبتدأ وخبر، أو كتاب خبر مبتدأ محذوف، وتقدم الكلام على أوائل السور أول سورة البقرة. وقرأ أبو عمرو وابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي بالإمالة، والباقون بالفتح. وقوله تعالى: {أحكمت آياته} صفة للكتاب وفسر الأحكام بوجوه:
الأوّل: أحكمت آياته، أي: نظمت نظماً محكماً لا يقع فيه نقص ولا خلل كالبناء المحكم المرصف، ولا يعتريه إخلال من جهة اللفظ، والمعنى: ولا يستطيع أحد