السلاح فالتفت فإذا قوم متلثمون فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله، فهربوا.

وقيل: هم المنافقون هموا بقتل عامر حين ردّ على الجلاس.

وقيل: أرادوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي وإن لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما نقموا} أي: وما أنكروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً {إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله} فإنّ أكثر أهل المدينة كانوا قبل قدوم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة في ضنك من العيش لا يركبون الخيل ولا يحرزون الغنيمة وبعد قدومه أخذوا الغنائم وفازوا بالأموال ووجدوا الدولة وذلك يوجب أن يكونوا محبين له مجتهدين في بذل النفس والمال لأجله وقتل للجلاس مولى فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته اثني عشر ألفاً فاستغنى فالمنافقون عملوا بضدّ الواجب فوضعوا موضع شكره صلى الله عليه وسلم أن نقموا منه.

وقال ابن قتيبة معناه ليس هناك شيء ينقمون منه ولا يعيبون من الله إلا الصنيع وهذا كقول الشاعر:

*ما نقموا من بني أمية إلا ... أنهم يحلمون إن غضبوا*

وكقول النابغة:

*ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب*

أي: ليس فيها عيب {فإن يتوبوا} أي: من كفرهم ونفاقهم {يك خيراً لهم} في العاجل والآجل من إصرارهم على ذلك وهذا الذي حمل الجلاس على التوبة والضمير في يك للتوبة {وإن يتولوا} أي: يعرضوا عن الإيمان والتوبة ويصروا على النفاق والكفر {يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا} بالقتل والأسر والإذلال {والآخرة} بالعذاب الأكبر الذي لا خلاص لهم منه وهو خلودهم في النار {وما لهم في الأرض} أي: التي لا يعرفون غيرها لسفول همتهم {من ولي} يحفظهم منه {ولا نصير} يمنعهم وأمّا السماء فهم أقل من أن يطمعوا منها في شيء ناصر أو غيره وأغلظ أكباداً من أن يرتقي فكرهم إلى ما بها من العجائب وما بها من الجنود واعلم أنّ هذه السورة أكثرها في شرح أحوال المنافقين ولا شك أنهم أقسام وأصناف فلهذا السبب يذكرهم الله تعالى على التفصيل فيقول تعالى: {ومنهم الذين يؤذون النبيّ} (التوبة، 61)

{ومنهم من يلمزك في الصدقات} (التوبة، 58)

{ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} (التوبة/ 49)

{ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقنّ} فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد {ولنكونن من الصالحين} قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن ثعلبة بن حاطب أبطأ عنه ماله بالشام فلحقه شدّة فحلف بالله وهو واقف ببعض مجالس الأنصار لئن آتانا الله من فضله لأصدقنّ ولأؤدّينّ منه حق الله تعالى والمشهور في سبب نزول هذه الآية أنّ ثعلبة بن حاطب الأنصاريّ قال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه. فراجعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أما لك في رسول الله أسوة حسنة والذي نفسي بيده لو أردت أن تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت» ثم أتاه بعد ذلك وقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لأعطينّ كل ذي حق حقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارزق ثعلبة مالاً فاتخذ غنماً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015