ثقيلاً والطعام الوبيل الذي ينقل على المعدة ولا يستمر {عفا الله عما سلف} أي: من قتل الصيد قبل تحريمه فلا يؤاخذكم به {ومن عاد} إلى تعمد شيء من ذلك بعد النهي وقوله تعالى: {فينتقم الله منه} خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو ينتقم الله منه ولذلك دخلت الفاء ونحو ذلك قوله تعالى: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً} (الجن، 13) أي: ينتقم الله تعالى منه في الآخرة وإذا تكرّر من المحرم قتل الصيد تعدّدت عليه الكفارة عند عامّة العلماء.f

وعن ابن عباس وشريح: لا كفارة عليه تعلقاً بظاهر الآية فإنه لم يذكر الكفارة قالا: لأنّ الانتقام من العائد يمنع وجوب الكفارة {وا} الذي له صفات الكمال {عزيز} أي: غالب على أمره {ذو انتقام} أي: ممن أصبر على عصيانه.

ولما كان هذا عاماً في كل صيد بيّن الله تعالى أنه خاص بصيد البرّ فقال:

{أحلّ لكم} أيها الناس حلالاً كنتم أو محرمين {صيد البحر} أي: ما صيد منه وهو ما لا يعيش إلا في الماء كالسمك بخلاف ما يعيش فيه وفي البرّ عند الشافعيّ رحمه الله تعالى وذهب قوم إلى أنّ جميع ما في البحر حلال وظاهر الآية حجة له. وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى: لا يحلّ منه إلا السمك، وقوله تعالى: {وطعامه} عطف على صيد البحر أي: وأحلّ لكم طعام البحر وهو ما يقذفه من السمك ميتاً قال صلى الله عليه وسلم في البحر: «هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته» رواه أبو داود والترمذيّ وغيرهما وصححوه وقال قتادة: صيده طريه وطعامه مالحه، وقيل: الضمير للصيد وطعامه أكله وعلى هذا فالصيد بمعنى الاصطياد والمعنى: أحلّ لكم اصطياد الصيد وأكل المصيد من الأنهار والبرك وغيرهما من جميع المياه كالبحر.

وقوله تعالى: {متاعاً} مفعول أي: أحلّ {لكم} تمتيعاً لكم تأكلونه طرياً {وللسيارة} أي: المسافرين منكم يتزوّدونه قديداً كما تزوّد موسى صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى الخضر الحوت {وحرّم عليكم صيد البرّ} أي: اصطياده وأكل ما صيد منه لكم وهو ما لا يعيش إلا فيه وما يعيش فيه وفي البحر فإن صيد الحلال حل للمحرم أكله لقوله صلى الله عليه وسلم «لحم الصيد حلال لكم ما لم تصطادون أو يصد لكم» {ما دمتم حرماً} أي: محرمين وقد ذكر تعالى تحريم الصيد على المحرم في ثلاث مواضع من هذه السورة قوله تعالى: {غير محلى الصيد وأنتم حرم} (المائدة، 1) إلى قوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا} (المائدة، 2) وقوله تعالى: {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} (المائدة، 95) وقوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البرّ ما دمتم حرماً} (المائدة، 96) تشديداً على المحرم أنه لا يتعاطى ذلك وأكد ذلك بقوله تعالى: {واتقوا الله} أي: في ذلك الاصطياد وغيره {الذي إليه تحشرون} فإنه مجازيكم بأعمالكم.

{جعل الله الكعبة} أي: صيرها وسمى البيت كعبة لتكعبه أي: تربعه وقال مجاهد: سميت كعبة لترفعها والعرب تسمي كل بيت مرتفع كعبة وقال مقاتل: سميت كعبة لانفرادها من البناء وقوله تعالى: {البيت الحرام} أي: المحترم عطف بيان على جهة المدح لا على جهة التوضيح كما تجيء الصفة كذلك {قياماً للناس} أي: يقوم به أمر دينهم بالحج أو العمرة إليه ودنياهم بأمن داخله وعدم التعرّض له وجبي ثمرات كل شيء إليه قال الرازي: والمراد بعض الناس وهم العرب وإنما حسن هذا المجاز؛ لأنّ أهل كل بلد إذا قالوا: الناس فعلوا كذا وصنعوا كذا فهم لا يريدون إلا أهل بلدتهم فلهذا السبب خوطبوا بهذا الخطاب على وفق عادتهم. وقرأ ابن عامر قيماً بغير ألف مصدر قام غير معل والباقون بالألف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015