إلى اسم الذات. { {
وقرأ حمزة وابن ذكوان بإمالة الألف بعد الجيم محضة والباقون بالفتح، والإعلام به قبل كونه من أعلام النبوّة، روي أنها نزلت أيام التشريق بمنى في حجة الوداع {والفتح} ، أي: فتح مكة وهو الفتح الذي يقال له فتح الفتوح، وقصته مشهورة في البغوي وغيره فلا نطيل بذكرها، وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطواف العرب، وأقام بها خمس عشرة ليلة، ثم خرج إلى هوزان وحين دخلها وقف على باب الكعبة ثم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم قال: يا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، ثم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الله تعالى قد أمكنه من رقابهم عنوة وكانوا له فيأ فلذلك سمي أهل مكة الطلقاء ثم بايعوه على الإسلام في دين الله تعالى في ملة الإسلام التي لا دين له يضاف إليه غيرها {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه} (آل عمران: 85)
وقيل: المراد جنس نصر الله تعالى المؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم. فإن قيل: ما الفرق بين النصر والفتح حتى عطف عليه؟ أجيب: بأنّ النصر الإعانة والإظهار على العدوّ، ومنه نصر الله تعالى الأرض أغاثها قال الشاعر:
*إذا انسلخ الشهر الحرام فودّعي ... بلاد تميم وانصري آل عامر*
ويروى:
*إذا دخل الشهر الحرام فجاوزي ... بلاد تميم وانصري أرض عامر*
والفتح فتح البلاد، وقال الرازي: الفرق بين النصر والفتح أنّ الفتح هو الإعانة على تحصيل المطلوب الذي كان متعلقاً به، والنصر كالسبب فلهذا بدأ بذكر النصر وعطف الفتح عليه.
فإن قيل: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان دائماً منصوراً بالدلائل والمعجزات فما المعنى: بتخصيص لفظ النصر بفتح مكة؟.
أجيب: بأنّ المراد من هذا النصر هو النصر الموافق للطبع. فإن قيل: النصر لا يكون إلا من الله تعالى، قال الله تعالى: {وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} (آل عمران: 126)
فما فائدة التقييد بنصر الله؟ أجيب: بأنّ معناه نصر لا يليق إلا بالله تعالى، كما يقال هذا صنعة زيد إذا كان مشهوراً بإحكام الصنعة والمقصود منه تعظيم حال تلك الصنعة فكذا ههنا. فإن قيل: الذين أعانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة هم أصحابه من المهاجرين والأنصار، ثم إنه تعالى سمى نصرتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم نصر الله فما السبب في ذلك؟ أجيب: بأنّ النصر وإن كان على يد الصحابة لكن لا بدّ له من داع وباعث وهو من الله تعالى، فإن قيل: فعلى هذا الجواب يكون فعل العبد مقدّماً على فعل الله تعالى، وهذا بخلاف النصر لأنه تعالى قال: {إن تنصروا الله ينصركم} (محمد: 7)
فجعل نصره مقدّماً على نصره لنا؟ أجيب: بأنه لا امتناع في أن يكون فعل العبد سبباً لفعل آخر يصدر عن الله تعالى، فإنّ أسباب الحوادث ومسبباتها على ترتيب عجيب تعجز عن إدراكه العقول البشرية.
ولما عبر عن المعنى: بالمجيء عبر عن المرئي بالرؤية فقال تعالى:
{ورأيت} ، أي: ببصرك ((الناس)) ، أي: العرب الذي كانوا حقيرين عند جميع الأمم فصاروا بك هم الناس كما دلت عليه لام