بما له الحرارة وشدّة الوقع كلما مرّ به حتى يخرج من الدبر، ويصير موضع تجويفه أسود لما له من من النارية. وقال ابن عباس: هو القشر الخارج الذي يكون على حب الحنطة كهيئة الغلاف له، وروي أن الحجر كان يقع على أحدهم فيخرج كل ما في جوفه فيبقى كقشر الحنطة إذا خرجت منه الحبة وعن عكرمة: من أصابه جدره وهو أوّل جدري ظهر. وعن أبي سعيد الخدري أنه سئل عن الطير فقال: حمام مكة منها، وقيل: جاءت عشية ثم صبحتهم.
واختلف في تاريخ عام الفيل، فقيل: كان قبل مولد النبيّ صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة وقيل: بثلاث وعشرين سنة.
والأكثرون على أنه كان في العام الذي ولد فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم وعن عائشة قالت: رأيت سائس الفيل وقائده أعميين مقعدين يستطعمان الناس، وقال عبد الملك بن مروان: لعتاب بن أسيد: أنت أكبر أم النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: النبيّ صلى الله عليه وسلم أكبر مني، وأنا أسنّ منه، ولد صلى الله عليه وسلم عام الفيل وأنا أدركت سائسه وقائده أعميين مقعدين يستطعمان الناس، بل قيل: لم يكن بمكة أحد إلا رأى قائد الفيل وسائسه أعميين يتكففان الناس لأنّ عائشة مع صغر سنها رأتهما. وقال ابن إسحاق لما ردّ الله تعالى الحبشة عن مكة المشرّفة عظمت العرب قريشاً، وقالوا: أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مؤنة عدوّهم، فكان ذلك نعمة من الله عليهم.
وقال بعض العلماء: كانت قصة الفيل مما نعدّه من معجزاته صلى الله عليه وسلم وإن كانت قبله، لأنها كانت توكيداً لأمره وتمهيداً لشأنه. وقول البيضاوي تبعاً للزمخشريّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة الفيل أعفاه الله أيام حياته من الخسف والمسخ» حديث موضوع.
سورة قريش مكية
في قول الجمهور ومدنية في قول الضحاك والكلبيوهي أربع آيات وسبع عشرة كلمة وثلاثة وسبعون حرفاً
{بسم الله} الذي له جميع الكمال {الرحمن} ذي النعم والأفضال {الرحيم} الذي خص أولياءه بالقرب والإجلال.
وقوله تعالى: {لإيلاف قريش} في متعلقه أوجه أحدها: أنه ما في السورة قبلها من قوله تعالى: {فجعلهم كعصف مأكول} . قال الزمخشري: وهذا بمنزلة التضمين في الشعر، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقاً لا يصح إلا به، وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة بلا فصل، وعن عمر أنه قرأهما في الثانية من صلاة المغرب، وقرأ في الأولى والتين اه. وإلى هذا ذهب الأخفش. وقال الرازي: المشهور أنهما سورتان ولا يلزم من التعلق الاتحاد لأنّ القرآن كسورة واحدة.
ثانيها: أنه مضمر تقديره فعلنا ذلك، وهو إيقاعهم للإيلاف وهو الفهم لبلدهم الذي ينشأ عنه طمأنينتهم وهيبة الناس لهم وقيل: تقديره اعجبوا لئلاف قريش رحلة الشتاء والصيف وتركهم عبادة رب هذا البيت.
ثالثها: أنه متعلق بقوله تعالى: {فليعبدوا} أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين لأنهما أظهر نعمة عليهم، وهذا هو الذي صدر به الزمخشري كلامه، وفي هذا إشارة إلى تمام قدرته سبحانه، وأنه إذا أراد شيئاً يسر سببه لأنّ التدبير كله له يخفض من يشاء، وإن عز،