فيه السيد والزوج.
{أرأيت إن كان} أي: المنهي وهو النبيّ صلى الله عليه وسلم {على الهدى} وقرأ نافع بتسهيل الهمزة بعد الراء، وعن ورش إبدالها ألفاً، وأسقطها الكسائي، والباقون بالتحقيق
وقوله تعالى: {أو أمر بالتقوى} أي: بالإخلاص والتوحيد للتقسيم.
تنبيه: قوله تعالى: {أرأيت} تكرير للأوّل وكذا الذي في قوله:
{أرأيت إن كذب} وهو أبو جهل {وتولى} عن الإيمان.
{ألم يعلم} أي: يقع له علم يوماً من الأيام {بأن الله} الذي له صفات الكمال {يرى} ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك، أي: أعجب منه يا مخاطب في نهيه عن الصلاة من حيث إنّ المنهي على الهدى آمر بالتقوى وفي وجه التعجب وجوه:
أحدها: إنه صلى الله عليه وسلم قال «اللهمّ أعز الإسلام إمّا بأبي جهل وإمّا بعمر بن الخطاب» وهو ينهى عبداً إذا صلى.
الثاني: إنه يلقب بأبي الحكم فقيل: أيلقب بهذا وهو ينهى عن الصلاة فيتعجب منه، ومن حيث أن الناهي مكذب متول عن الإيمان.
الثالث: إنه كان يأمر وينهى ويعتقد وجوب طاعته ثم إنه ينهى عن طاعة الله تعالى.
وقوله تعالى: {كلا} ردع للناهي {لئن لم ينته} أي: عما هو فيه واللام لام قسم {لنسفعاً بالناصية} أي: لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار والسفع القبض على الشيء وجذبه بشدّة. قال عمرو بن معديكرب:
*قوم إذا نقع الصريخ رأيتهم ... ما بين ملجم مهره أو سافع*
والنقع الصوت. ولما علم أنها ناصية المذكور اكتفى باللام عن الإضافة، والآية وإن كانت في أبي جهل فهي عظة للناس وتهديد لمن يمنع غيره عن طاعة الله تعالى.
وقوله تعالى: {ناصية} بدل من الناصية قال الزمخشري: وجاز بدلها عن المعرفة وهي نكرة لأنها وصفت، أي: ب {كاذبة خاطئة} واستقلت بفائدة واعترض عليه بأنّ هذا مذهب الكوفيين فإنهم لا يجيزون إبدال نكرة من معرفة إلا بشرط وصفها، أو كونها بلفظ الأوّل ومذهب البصريين لا يشترط شيء، والمعنى: لنأخذن بناصية أبي جهل الكاذبة في قولها الخاطئة في فعلها، والخاطئ معاقب مأخوذ والمخطئ غير مأخوذ ووصفت الناصية بالكاذبة الخاطئة كوصف الوجوه في قوله تعالى: {إلى ربها ناظرة} (القيامة: 23)
وإنما وصفت الناصية بالكاذبة لأنه كان يكذب على الله تعالى في أنه لم يرسل محمداً صلى الله عليه وسلم وعلى رسوله في أنه ساحر وليس بنبي ووصفت بأنها خاطئة لأنّ صاحبها تمرّد على الله تعالى كما قال تعالى: {لا يأكله إلا الخاطئون} (الحاقة: 37)
فهما في الحقيقة لصاحبها وفيه من الحسن والجزالة ما ليس في قولك ناصية كاذب خاطىء.
وروي أنّ أبا جهل مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقال: ألم أنهك فأغلظ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتنهرني وأنا أكثر أهل الوادي نادياً، فوالله لأملأنّ عليك هذا الوادي إن شئت خيلاً جرداً ورجالاً مرداً فأنزل الله تعالى:
{فليدع} أي: دعاء استغاثة {ناديه} أي: أهل ناديه ليعينوه فهو على حذف مضاف، لأنّ النادي هو المجلس الذي ينتدى فيه القوم قال تعالى: {وتأتون في ناديكم المنكر} (العنكبوت: 29)
أي: يتحدّثون فيه أو على التجوّز لأنه مشتمل على الناس كقوله تعالى: {واسأل القرية} (يوسف: 82)
ولا يسمى المكان نادياً حتى يكون فيه أهله، والمعنى فليدع عشيرته فلينتصر بهم.
{سندع} أي: بوعد لا خلف فيه {الزبانية} قال ابن عباس رضي الله عنهما: