منّ الله تعالى على المسلمين بإسلامه فكان سيف الله وسيف رسوله صلى الله عليه وسلم وهشام وعمارة.
{ومهدت} أي: بسطت {له} العيش والعمر والولد، والتمهيد عند العرب التوطئة والتهيئة ومنه مهد الصبي. وقال ابن عباس: أي: وسعت له ما بين اليمن إلى الشام وعن مجاهد أنه المال بعضه فوق بعض كما يمهد الفراش فلم يرع هذه النعمة العظيمة.l
وقوله تعالى {تمهيداً} تأكيد.
{ثم} أي: بعد الأمر العظيم الذي ارتكبه من تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم {يطمع} أي: بغير سبب يدلي به مما جعلناه سبب المزيد من الشكر {أن أزيد} أي: فيما آتيته في دنياه أو في آخرته وهو يكذب رسولنا صلى الله عليه وسلم وقال الحسن: ثم يطمع أن أحله الجنة.
وكان الوليد يقول: إن كان محمد صادقاً فما خلقت الجنة إلا لي، فقال الله تعالى ردًّا عليه وتكذيباً له {كلا} أي: وعزتنا وجلالنا لا تكون له زيادة على ذلك أصلاً، وأمّا النقصان فسيرى إن استمرّ على تكذيبه فليرتدع عن هذا الطمع ولينزجر وليرتجع، فإنه حمق محض وزخرف بحت وغرور صرف، قالوا: فما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك فقيراً.
تنبيه: كلا قطع للرجاء عما كان يطمع فيه من الزيادة فيكون متصلاً بالكلام الأوّل وقيل: كلا بمعنى حقاً.
ويبتدأ بقوله تعالى {إنه} أي: هذا الموصوف {كان} أي: بخلق كأنه جبلة له وطبع لا يقدر على الانفكاك عنه {لآياتنا} على ما لها من العظمة خاصة لكونها هادية إلى الوحدانية لا إلى غيرها من الشبه القائدة إلى الشرك {عنيداً} قال قتادة: أي: جاحداً. وقال مقاتل: معرضاً. وقال مجاهد: إنه المجانب للحق. وجمع العنيد عند، مثل رغيف ورغف والعنيد بمعنى المعاند، والعناد كما قال الملوي من كبر في النفس ويبس في الطبع وشراسة في الأخلاق أو خبل في العقل، وقد جمع ذلك كله إبليس لعنه الله تعالى لأنه خلق من نار وهي من طبعها اليبوسة وعدم الطواعية.
تنبيه: في الآية إشارة إلى أنّ الوليد كان معانداً في أمور كثيرة منها أنه كان يعاند في دلائل التوحيد وصحة النبوّة وصحة البعث، ومنها أنّ كفره كان عناداً لأنه كان يعرف هذه الأشياء بقلبه وينكرها بلسانه. وكفر العناد أفحش أنواع الكفر، ومنها أنّ قوله تعالى كان يدل على أنّ هذه حرفته من قديم الزمان.
{سأرهقه} أي: أكلفه {صعوداً} أي: مشقة من العذاب لا راحة له فيها. وروى الترمذي عن أبي سعيد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «أنه جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفاً ثم يهوي» وفي رواية أنه «كلما وضع يده في معالجة الصعود ذابت فإذا رفعها عادت وكذا رجله» وقال الكلبي: إنه صخرة ملساء في النار يكلف أن يصعدها يجذب من أمامه بسلاسل الحديد ويضرب من خلفه بمقامع الحديد فيصعدها في أربعين عاماً فإذا بلغ ذروتها أسقط إلى أسفلها ثم يكلف أن يصعدها فذلك دأبه أبداً.
{س74ش18/ش30 إِنَّهُ? فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَاذَآ إِs سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَاذَآ إِs قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَآ أَدْرَ?ـاكَ مَا سَقَرُ * تُبْقِى وَتَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}
أي: هذا العنيد {فكر} أي: ردّد فكره وأداره تابعاً لهواه لأجل الوقوع على شيء يطعن به في القرآن أو النبيّ صلى الله عليه وسلم {وقدّر} أي: أوقع تقدير الأمور التي يطعن بها وقاسها في نفسه لعلمه أنها أقرب إلى القبول وذلك أنّ الله تعالى لما أنزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم} إلى قوله تعالى: {المصير} (غافر: 2 ـ 3)
قام النبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته، فلما فطن النبيّ