وكان له ولي قد وعده عند الوصول إليه الراحة التي لا يشوبها ضرر تمنى النقلة إلى وليه. روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم «والذي نفسي بيده لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه فلم يقلها منهم أحد علماً منهم بصدقه صلى الله عليه وسلم فلم يقولوا ولم يؤمنوا عناداً منهم» .

ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم لا يتمنونه في المستقبل أيضاً بقوله تعالى:

{ولا يتمنونه} أي: في المستقبل {أبداً بما قدمت أيديهم} أي: بسبب ما قدموا من الكفر والمعاصي التي أحاطت به فلم تدع لهم حظاً في الآخرة.

تنبيه: قال تعالى هنا: {ولا يتمنونه} وفي البقرة {ولن يتمنوه} (البقرة: 95)

قال الزمخشري: لا فرق بين لا ولن في أن كل واحدة منهما نفي للمستقبل، إلا أن في لن تأكيداً وتشديداً ليس في لا فأتى مرة بلفظ التأكيد {ولن يتمنوه} ومرة بغير لفظه {ولا يتمنونه} قال أبو حيان: وهذا رجوع منه عن مذهبه وهو أن لن تقتضي النفي على التأبيد إلى مذهب الجماعة، وهي أنها لا تقتضيه. قال بعضهم: وليس فيه رجوع، غاية ما فيه أنه سكت عنه، وتشريكه بين لا ولن في نفي المستقبل لا ينفي اختصاص لن بمعنى آخر ا. هـ. ودعواهم الولاية إلى التوسل إلى الجنة لا يلزم منها الاختصاص بالنعم بدليل أن الدنيا ليست خالصة للأولياء المحقق لهم الولاية بل البر والفاجر مشتركون فيها. {والله} أي: الذي له الإحاطة بكل شيء قدرة وعلماً {عليم} بالغ العلم محيط بهم هكذا كان الأصل ولكنه تعالى قال: {بالظالمين} تعميماً وتعليقاً بالوصف لا بالذات، فالمعنى أنه عالم بأصحاب هذا الوصف الراسخين فيه منهم ومن غيرهم، فهو مجازيهم على ظلمهم.

{قل} أي: لهؤلاء يا أشرف الرسل {إن الموت الذي تفرون منه} بالكف عن التمني {فإنه ملاقيكم} أي: لا تفوتونه لاحق بكم.

تنبيه: في هذه الفاء وجهان: أحدهما: إنها داخلة لما تضمنه الاسم من معنى الشرط، وحكم الموصوف بالموصول حكم الموصول في ذلك. قال الزجاج: لا يقال: إن زيداً فمنطلق، وههنا قال: {فإنه ملاقيكم} لما في معنى الذي من الشرط أو الجزاء، أي: إن فررتم منه فإنه ملاقيكم، ويكون مبالغة في الدلالة على أنه لا ينفع الفرار منه. الثاني: إنها مزيدة محضة لا للتضمن المذكور.

ولما كان الحبس في البرزخ أمراً لا بد منه مهولاً نبه عليه وعلى طوله بأداة التراخي فقال تعالى: {ثم تردون إلى عالم الغيب} أي: السر {والشهادة} أي: العلانية، أو كل ما غاب عن الخلق، وكل ما شوهد {فينبئكم} أي: يخبركم إخباراً عظيماً مستقصى مستوفى {بما كنتم} أي: بما هو لكم كالجبلة {تعملون} أي: بكل جزء منه بما برز إلى الخارج، وبما كان في جبلاتكم ولو بقيتم لفعلتموه ليجازيكم.

{يا أيها الذين أمنوا} أي: أقروا بألسنتهم بالإيمان {إذا نودي} أي: من أي مناد كان من أهل النداء {للصلاة} أي: صلاة الجمعة {من} أي: في {يوم الجمعة} كقوله تعالى: {أروني ماذا خلقوا من الأرض} (فاطر: 40)

أي: في الأرض، والمراد بهذا النداء الأذان عند قعود الإمام على المنبر للخطبة، لأنه لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نداء سواه، كان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر أذن بلال، وعن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثاني على الدور، زاد في رواية فثبت الأمر على ذلك.

وعن أبي داود قال: كان يؤذن بين يدي رسول الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015