الرحيم} معناه ذو الرحمة، ورحمة الله تعالى إرادته الخير والنعمة والإحسان إلى خلقه. وقيل: إنّ رحمن أشدّ مبالغة من رحيم، ولهذا قيل: هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة لأنه تعالى بإحسانه في الدنيا يعم المؤمن والكافر، وفي الآخرة يختص إنعامه وإحسانه بالمؤمنين.
{هو الله} أي: الذي لا يقدر على تعميم الرحمة لمن أراد وتخصيصها بمن شاء إلا هو {الذي لا إله} أي: لا معبود بحق {إلا هو الملك} أي: فلا ملك في الحقيقة إلا هو لأنه لا يحتاج إلى شيء، لأنه مهما أراد كان فهو متصرّف بالأمر والنهي في جميع خلقه، فهم تحت ملكه وقهره وإرادته {القدوس} أي: البليغ في النزاهة عن كل وصم يدركه حس، أو يتصورّه خيال، أو يسبق إليه وهم، أو يختلج إليه ضمير.
ونظيره: السبوح وفي تسبيح الملائكة سبوح قدوس رب الملائكة والروح {السلام} أي: الذي سلم من النقائص وكل آفة تلحق الخلق، فهو بمعنى السلامة ومنه دار السلام وسلام عليكم وصف به مبالغة في وصف كونه سليماً من النقائص، أو في إعطائه السلامة {المؤمن} قال ابن عباس: هو الذي أمن الناس من ظلمه، وأمن من آمن به عذابه. وقيل: هو المصدّق لرسله بإظهار المعجزات لهم، والمصدّق للمؤمنين بما وعدهم من الثواب وبما أوعد الكافرين من العذاب. وقال مجاهد: المؤمن الذي وحد نفسه لقوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} (آل عمران: 18)
قال ابن عباس: إذا كان يوم القيامة أخرج أهل التوحيد من النار، وأوّل من يخرج من وافق اسمه اسم نبي حتى إذا لم يبق فيها من وافق اسمه اسم نبي قال الله تعالى لباقيهم: أنتم المسلمون وأنا السلام وأنتم المؤمنون وأنا المؤمن، فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين {المهيمن} قال ابن عباس أي الشهيد على عباده بأعمالهم الذي لا يغيب عنه شيء، وقيل: هو القائم على خلقه بقدرته، وقيل: هو الرقيب الحافظ لكل شيء مفيعل من الأمن قلبت همزته هاء {العزيز} أي: الذي لا يوجد له نظير، وقيل: هو الغالب القاهر {الجبار} الذي جبر خلقه على ما أراده، أو جبر حالهم بمعنى أصلحه، والجبار في صفة الله صفة مدح، وفي صفة الناس صفة ذم وكذا قوله تعالى: {المتكبر} أي: الذي تكبر على كل ما يوجب حاجة أو نقصاً، وهو في حقه تعالى صفة مدح لأنه له جميع صفات العلوّ والعظمة، وفي صفة الناس صفة ذم لأنّ المتكبر هو الذي يظهر من نفسه التكبر، وذلك نقص في حقه لأنه ليس له كبر ولا علوّ بل له الحقارة والذلة، فإذا أظهر الكبر كان كذاباً في فعله {سبحان الله} أي: تنزه الملك إلا على الذي اختص بجميع صفات الكمال تنزهاً لا تدرك العقول منه أكثر من أنه علا عن أوصاف الخلق فلا يدانيه شيء من نقص تعالى: {عما يشركون} أي: من هذه المخلوقات من الأصنام وغيرها مما في الأرض، أو في السماء من صغير وكبير وجليل وحقير.
{هو} أي: الذي لا شيء يستحق أن يطلق عليه هذا الضمير غيره لأنّ وجوده من ذاته، ولا شيء غيره إلا وهو ممكن ولما ابتدأ بهذا الغيب المحض الذي هو أظهر الأشياء أخبر عنه بأشهر الأشياء الذي لم يقع فيه شركة بوجه. فقال تعالى: {الله} أي: الذي ليس له سميّ فلا كفء له فهو المعبود بالحق فلا شريك له بوجه {الخالق} أي: المقدر للأشياء على مقتضى حكمته {البارئ} أي: المخترع المنشئ للأشياء من العدم إلى الوجود برياً من التفاوت وقوله تعالى: {المصور} أي: الذي يخلق