صلى الله عليه وسلم أنه قال «إبراهيم الذي وفى أربع ركعات من أول النهار» وهي صلاة الضحى وروي «ألا أخبركم لم سمى الله خليله الذي وفى كان يقول: إذا أصبح وأمسى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون إلى تظهرون» وقيل: وفى سهام الإسلام وهي ثلاثون عشرة في التوبة {التائبون ... } (التوبة: 112) ، وعشرة في الأحزاب {إنّ المسلمين ... } (الأحزاب: 35) ، وعشرة في المؤمنون، {قد أفلح المؤمنون} (المؤمنون: 1)
وخص هذين النبيين لأنّ الموعودين من بني إسرائيل اليهود والنصارى يدعون متابعة موسى عليه السلام، ومن العرب يدعون متابعة إبراهيم عليه السلام ومن عداهم لا متمسك لهم ولا سلف في نبوّة محققة ولا شريعة محفوظة، وقرأ هشام بفتح الهاء وألف بعدها والباقون بكسر الهاء وياء بعدها.
ثم فسر تعالى الذي في الصحف واستأنف بقوله تعالى: {ألا تزر} أي: تأثم وتحمل {وازرة} أي: نفس بلغت مبلغاً تكون فيه حاملة لوزر {وزر أخرى} أي: حملها الثقيل من الإثم، وفي هذا إبطال قول من ضمن للوليد بن المغيرة أن يحمل عنه الإثم، وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره، وكان الرجل يقتل بقتل أبيه وابنه وأخيه وعمه وخاله وامرأته والعبد بسيده، حتى جاءهم إبراهيم عليه السلام فنهاهم عن ذلك وبلغهم عن الله عز وجل {ألا تزر وازرة وزر أخرى} .
{س53ش39/ش44 وَأَن لَّيْسَ لِ?نسَانِ إِs مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ? سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَ?ـاهُ الْجَزَآءَ ا?وْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى * وَأَنَّهُ? هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ? هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}
ولما نفى أن يضرّه أثم غيره نفي أن ينفعه سعي غيره بقوله تعالى:
{وأن ليس للإنسان} كائناً من كان {إلا ما سعى} فلا بد أن يعلم الحق في أي جهة فيسعى فيه ودعاء المؤمنين للمؤمن من سعيه بموادته ولو بموافقته لهم في الدين فقط، وكذا الحج عنه والصدقة ونحوها، وأما الولد فواضح في ذلك، وأما ما كان بسبب العلم والصدقة ونحوها فكذلك، وتضحية النبيّ صلى الله عليه وسلم عن أمته أصل كبير في ذلك فإنّ من تبعه فقد واده وهو أصل في التصدق عن الغير وإهداء ما له من الثواب في القراءة ونحوها إليه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة أي: وإنما هو في صحف موسى وإبراهيم عليهما السلام بقوله: {ألحقنا بهم ذريتهم} (الطور: 21)
فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء وقال عكرمة إنّ ذلك لقوم موسى وإبراهيم عليهما السلام، وأما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لما يروى أن امرأة رفعت صبياً لها فقالت يا رسول الله ألهذا حج فقال نعم ولك أجر «وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم إنّ أمي انسلت نفسها فهل لها أجر إن تصدقت عنها قال نعم» .
قال الشيخ تقيّ الدين أبو العباس أحمد بن تيمية: من اعتقد أنّ الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع وذلك باطل من وجوه كثيرة: أحدها: أنّ الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير. ثانيها: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب، ثم لأهل الجنة في دخولها ثم لأهل الكبائر في الخروج من النار وهذا انتفاع بعمل الغير. ثالثها: أن كل نبي وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير. رابعها: أنّ الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الغير. خامسها: أنّ الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيراً قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم. سادسها: أنّ أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير. سابعها: قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين {وكان أبوهما صالحاً} (الكهف: 82)