*لكم ذنوب ولنا ذنوب ... فإن أبيتم فلنا القليب*
وقال الراغب الذنوب الدلو لذي له ذنب انتهى. فراعى الاشتقاق والذنوب أيضاً: الفرس الطويل الذنب، وهو صفة على فعول والذنوب لحم أسفل المتن ويقال: يوم ذنوب أي طويل الشرّ استعارة من ذلك ويجمع في القلة على أذنبة وفي الكثرة على ذنائب {فلا تستعجلون} أي تطلبوا أن آتيكم به قبل أوانه حق به، فإنّ ذلك لا يفعله إلا ناقص وأنا متعال عن ذلك لا أخاف الفوت ولا يلحقني عجز ولا أوصف به، ولا بدّ أن أوقعه بهم في الوقت الذي قضيت به في الأزل فإنه أحق الأوقات بعقابهم لتكامل ذنوبهم.
{فويل} أي شدّة عذاب {للذين كفروا} أي ستروا ما ظهر من هذه الأدلة التي لا يسع عاقلاً إنكارها {من يومهم الذي يوعدون} أضافه إليهم لأنه خاص بهم دون المؤمنين، وهو يوم القيامة وقيل يوم بدر وحذف العائد لاستكمال شروطه أي يوعدونه، وقرأ حمزة والكسائي في الوصل بضم الهاء والميم، وأبو عمرو بكسر الهاء والميم والباقون بكسر الهاء وضم الميم وأما الوقف عليها فالجميع بكسر الهاء وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال من «قرأ سورة الذاريات أعطاه الله تعالى عشر حسنات بعدد كل ريح هبت وجرت في الدنيا» حديث موضوع والله أعلم.
مكية وهي تسع وأربعون آية وثلاثمائةواثنتا عشرة كلمة وألف وخمسمائة حرف
{بسم الله} الملك الأعظم ذي الملك والملكوت {الرحمن} الذي عمّ خلقه بالرحموت {الرحيم} الحيّ الذي لا يموت.
وقوله تعالى: {والطور} وما بعده أقسام جوابها {إنّ عذاب ربك لواقع} والواوات التي بعد الأولى عواطف لا حروف قسم كما قاله الخليل.
والطور: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام وهو بمدين أقسم الله تعالى به وقيل: هو الجبل الذي قال الله تعالى {وطور سنين} وقيل هو اسم جنس.
تنبيه: مناسبة هذه السورة لما قبلها من حيث الافتتاح بالقسم وبيان الحشر فيهما.
والمراد بالكتاب في قوله تعالى {وكتاب مسطور} أي: متفق الكتابة بسطور مصفوفة في حروف مرتبة جامعة لكلمات متفقة هو كتاب موسى عليه السلام وهو التوراة وقيل: القرآن وقيل: اللوح المحفوظ وقيل: صحائف أعمال الخلق قال تعالى {ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً} (الإسراء: 13)
وقوله تعالى: {في رق} متعلق بمسطور أي مكتوب في رق والرق: الجلد الرقيق يكتب فيه وقال الراغب: الرق ما يكتب فيه شبه كاغد ا. هـ. فهو أعمّ من كونه جلداً وغيره {منشور} أي مبسوط مهيأ للقراءة.
وقوله تعالى: {والبيت المعمور} مختلف في مكانه فقيل في السماء العليا تحت العرش وقيل: في السماء الثالثة وقيل في السادسة وعلى كل قول هو بحيال الكعبة يقال له: الضراح حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يطوفون به ويصلون فيه ثم لا يعودون إليه أبدا ووصفه بالعمارة لكثرة الطائفين به من الملائكة وقيل: هو بيت الله الحرام لكونه معموراً بالحجاج والعمار والمجاورين وقيل: اللام