زيادات وفي بعضها نقصان عن بعض. وقوله تعالى:

{وأخرى} صفة مغانم مقدّراً مبتدأ وقيل: هي مبتدأ والخبر {لم تقدروا عليها} وهي كما قال ابن عباس: فارس والروم وما كانت العرب تقدر تقاتل فارس والروم بل كانوا خولاً لهم حتى قدروا عليهما بالإسلام. وقال الضحاك: هي خيبر وعدها الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أن يصيبها ولم يكونوا يرجونها. وقال قتادة: هي مكة. وقال عكرمة: حنين. وقال البقاعي: هي والله أعلم غنائم هوازن التي لم يحصل قبلها ما يقاربها. {قد أحاط الله} أي: المحيط بكل شيء قدرةً وعلماً {بها} أي: علم أنها ستكون لكم {وكان الله} أي: المحيط بجميع صفات الكمال أزلاً وأبداً {على كل شيء} منها ومن غيرها {قديراً} أي: بالغ القدرة لأنه بكل شيء عليم.

{ولو قاتلكم الذين كفروا} وهم أهل مكة ومن وافقهم وكانوا قد اجتمعوا وجمعوا الأحابيش ومن أطاعهم وقدّموا خالد بن الوليد طليعة لهم إلى كراع الغميم ولم يكن أسلم بعد {لولوا} أي: بغاية جهدهم {الأدبار} منهزمين {ثم} أي: بعد طول الزمان وكثرة الأعوان {لا يجدون} أي: في وقت من الأوقات {ولياً} أي: من يفعل معهم فعل القريب من الشفقة {ولا نصيراً} ينصرهم ولما كانت هذه عادة جارية قديمة مع أولياء الله تعالى حيثما كانوا من الرسل وأتباعهم {وإنّ جندنا لهم الغالبون} (الصافات: 173)

قال تعالى: {سنة الله} أي: سنّ المحيط بكل شيء علماً غلبة أنبيائه وأتباعهم {التي قد خلت من قبل} أي: فيمن مضى من الأمم. كما قال تعالى: {لأغلبنّ أنا ورسلي} (المجادلة: 21)

{ولن تجد} أيها السامع {لسنة الله} أي: الذي لا يخلف قوله، لأنه محيط بجميع صفات الكمال {تبديلاً} أي: تغييراً من مغيّر ما يغيرها بما يكون بدلها ثم عطف على ما تقديره هو الذي سنّ هذه السنة العامة.

قوله تعالى: {وهو الذي كف} أي: وحده {أيديهم} أي: الذين كفروا من أهل مكة وغيرهم. فإنّ الكف مشروع لكل أحد {عنكم وأيديكم} أيها المؤمنون {عنهم ببطن مكة} أي: بالحديبية وقيل التنعيم. وقيل وادي مكة. وقيل: داخل مكة {من بعد أن أظفركم} أي: أظهركم {عليهم} وهذا تبيين لما تقدّم من قوله تعالى: {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار} (الفتح: 22)

بتقدير أنه كما كف أيديهم عنكم بالفرار وأيديكم عنهم بالرجوع عنهم وتركهم روى ثابت عن أنس بن مالك «أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرّة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأخذهم سلماً فاستحياهم فنزلت هذه الآية» . وقال عبد الله بن مغفل المزني: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله في القرآن وعلى ظهره غصن من أغصان تلك الشجرة فرفعته عن ظهره وعلي بن أبي طالب بين يديه يكتب كتاب الصلح فخرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله أبصارهم فقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جئتم في عهد أو هل جعل لكم أحد أماناً قالوا: اللهم لا فخلى سبيلهم فأنزل الله تعالى هذه الآية وعن ابن عباس أظهر الله المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت وقيل: إن ذلك كان يوم فتح مكة وبه استشهد أبو حنيفة على أنّ مكة فتحت عنوة لا صلحاً {وكان الله} أي: المحيط بالجلال والإكرام أزلاً وأبداً وقرأ {بما يعملون} أبو عمرو: بالياء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015