إلى خيبر. وقال ابن زيد: هو أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لما تخلف القوم أطلعه الله تعالى على ظنهم وأظهر له نفاقهم وقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم {فإذا استأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً} (التوبة: 83)
وقرأ حمزة والكسائي: بكسر اللام بعد الكاف ولا ألف بعد اللام والباقون بفتح اللام وألف بعدها {قل} يا أشرف الخلق لهؤلاء المبعدين إذا بلغك كلامهم أنت بنفسك فإنّ غيرك لا يقوم مقامك في هذا الأمر المهمّ قولاً مؤكداً {لن تتبعونا} أي: وإن اجتهدتم في ذلك وساقه مساقه النفي وإن كان المراد به النهي مع كونه آكد ليكون علماً من أعلام النبوّة وهو أزجر وأدل على استهانتهم {كذلكم} أي مثل هذا القول البديع الشأن العالي الرتبة {قال الله} أي: الذي لا يكون إلا ما يريد وليس هو كالملوك الذين لا قدرة لهم على الغفران لمن شاؤوا والعقاب لمن شاؤوا {من قبل} أي: من قبل مرجعنا إليكم أن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب ولما كانوا منافقين لا يعتقدون شيئاً من هذه الأقوال بل يظنون أنها حيل على التوصل إلى المرادات الدنيوية سبب عن قوله لهم ذلك قوله تعالى تنبيهاً على جلافتهم وفساد ظنونهم {فسيقولون} ليس الأمر كما ذكر مما ادعى أنه قول الله تعالى {بل} إنما قلتم ذلك لأنكم {تحسدوننا} فلا تريدون أن يصل إلينا من مال الغنائم شيء وقرأ هشام وحمزة والكسائي بإدغام اللام في التاء والباقون بالإظهار. {بل كانوا} أي: جبلة وطبعاً {لا يفقهون} أي: لا يفهمون فهم الحاذق الماهر {إلا قليلاً} أي: في أمر دنياهم ومن ذلك اقرارهم باللسان لأجلها، وأمّا أمور الآخرة فلا يفهمون منها شيئاً.
{قل} أي: يا أشرف الرسل {للمخلفين} وزاد في ذمّهم بنسبتهم إلى الجلافة بقوله تعالى {من الأعراب} أي: أهل غلظ الأكباد {ستدعون} بوعد لا خلف فيه {إلى قوم أولي} أي: أصحاب {بأس شديد} أي: شدّة في الحرب وشجاعة قال ابن عباس ومجاهد: هم أهل فارس. وقال كعب: الروم. وقال الحسن: فارس والروم. وقال: سعيد بن جبير: هوازن وثقيف. وقال قتادة: هوازن وغطفان قوم حنين. وقال الزهري ومقاتل وجماعة: هم بنو حنيفة أصحاب اليمامة أصحاب مسيلمة الكذاب. وقال رافع بن خديج: كنا نقرأ هذه الآية ولا نعلم من هم حتى دعا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم. وقال أبو هريرة: لم يأت تأويل هذه الآية بعد قال ابن الخازن: وأقوى هذه الأقوال قول من قال أنهم هوازن وثقيف، لأنّ الداعي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده قول من قال أنهم بنو حنيفة أصحاب مسيلمة الكذاب وقوله تعالى {تقاتلونهم أو يسلمون} فيه إشارة إلى وقوع أحد الأمرين إما المقاتلة منكم وإمّا الإسلام منهم فإن لم يسلموا كان القتال لا غير وإن أسلموا لم يكن قتال لأنّ الغرض ليس إلا إعلاء كلمة الله تعالى {فإن تطيعوا} أي: توقعوا الطاعة للداعي إلى ذلك {يؤتكم الله} أي: الذي له الإحاطة {أجراً حسناً} دنيا وهو الغنيمة وأخرى وهي الجنة {وإن تتولوا} أي تعرضوا عن الجهاد {كما توليتم من قبل} أي عام الحديبية {يعذبكم} أي يخالطكم بعقوبة تزيل العذوبة في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما {عذاباً أليماً} لأجل تكرّر ذلك منكم فلما أنزلت هذه الآية، قال أهل الزمانة كيف بنا يا رسول الله فأنزل الله عز وجلّ.