الأشدية أو قبل هذه الأحوال إذا خرج.
تنبيه: قوله تعالى: {لتبلغوا أشدكم} متعلق قال الزمخشري: بفعل محذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا أشدكم وكذلك لتكونوا وأما قوله: {ولتبلغوا} أي: كل واحد منكم {أجلاً مسمى} فمعناه ويفعل ذلك لتبلغوا أجلاً مسمى وهو وقت الموت وقيل: يوم القيامة {ولعلكم تعقلون} أي: ما في ذلك من العبر والحجج وتستدلون بهذه الأحوال العجيبة على وحدانية الله تعالى.
ولما ذكر تعالى انتقال الأجسام من كونها تراباً إلى أن بلغت الشيخوخة واستدل بهذه التقديرات على وجود الإله القادر أنتج قوله تعالى:
{هو} أي: لا غيره {الذي يحيي ويميت} كما تشاهدونه في أنفسكم فكما أن الانتقال من صفة إلى صفة أخرى من الصفات المتقدمة يدل على الإله القادر فكذلك الانتقال من الحياة إلى الموت وبالعكس يدل على الإله القادر.
ولما كانت إرادته لا تكون إلا تامة تسبب عن ذلك قوله تعالى: {فإذا قضى أمراً} أي أراد أي: أمر كان من القيامة أو غيرها {فإنما يقول له كن فيكون} فلا يحتاج في تكوينه إلى عدة وتجشم كلفة، وقرأ ابن عامر بنصب النون والباقون بالرفع وتقدم توجيه ذلك في سورة البقرة، ثم إنه تعالى عاد إلى ذم الذين يجادلون في آيات الله مخاطباً بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم فقال:
{ألم تر} أي: يا أنور الناس قلباً وأصفاهم لباً {إلى الذين يجادلون} أي: بالباطل {في آيات الله} أي: الملك الأعظم {أني} أي: كيف ومن أي وجه {يصرفون} أي: عن التصديق وتكرير ذم المجادلة بتعدد المجادل والمجادل فيه أو للتوكيد وقوله تعالى:
{الذين كذبوا} يجوز أن يكون بدلاً من الموصول قبله أو بياناً أو نعتاً أو خبر مبتدأ محذوف أو منصوباً على الذم {بالكتاب} أي: بسببه في جمع ما له من الشؤون التي تفوق الحصر وهو القرآن أو بجنس الكتب السماوية {وبما أرسلنا} أي: على ما لنا من العظمة {به رسلنا} أي: من جميع الملل والشرائع بكتاب كان أو بغيره ولذا تسبب عنه تهديدهم في قوله تعالى: {فسوف يعلمون} أي: بوعد صادق لا خلف فيه ما يحل بهم من سطواتنا وقوله تعالى:
{إذِ الأغلال في أعناقهم} ظرف ليعلمون، فإن قيل: سوف للاستقبال وإذ للماضي فهو مثل قولك سوف أصوم أمس؟ أجيب: بأن المعنى على إذا إلا أن الأمور المستقبلة لما كانت في أخبار الله تعالى متيقنة مقطوعاً بها عبر عنها بلفظ ما كان ووجد والمعنى على الاستقبال قالوا وكما تقع إذا موقع إذ في قوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها} (الجمعة: 11)
كذلك تقع إذ موقعها وقوله تعالى: {والسلاسل} عطف على الأغلال، فتكون في الأعناق، والسلسلة معروفة، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره في أرجلهم وخبره {يسحبون} والعائد محذوف أي: بها والسحب الجر بعنف، والسحاب من ذلك لأن الريح تجره أو أنه يجر الماء {في الحميم} أي: الماء الحار الذي يكسب الوجوه سواداً والأعراض عاراً والأرواح عذاباً والأجسام ناراً {ثم في النار يسجرون} أي: يلقون فيها وتوقد بهم مكردسين كما يسجر التنور بالحطب، كما قال تعالى: {وقودها الناس والحجارة} (البقرة: 24)
والسجير الخليل الذي يسجر في مودة خليله، كقولهم: فلان يحترق في مودة فلان، هذه كيفية عقابهم.
{ثم قيل لهم} تبكيتاً أي: بعد أن طال عذابهم وبلغ منهم كل مبلغ ولم يجدوا