وعنه: «ليس في حب ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق» وقال قوم الآية في صدقة التطوع قال صلى الله عليه وسلم «ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كانت له صدقة» .

{ولا تيمموا} أي: لا تقصدوا {الخبيث} أي: الرديء {منه} أي: المذكور {تنفقون} في الزكاة حال من ضمير تيمموا {ولستم بآخذيه} أي: الخبيث {إلا أن تغمضوا} أي: تسامحوا {فيه} بالحياء مع الكراهة مجاز من أغمض بصره إذا غضه.

وروي عن البراء قال: لو أهدي ذلك لكم ما أخذتموه إلا على استحياء من صاحبه وغيظ، فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم؟ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كانوا يتصدّقون بحشف التمر وشواره فنهوا عن ذلك، هذا إذا كان المال كله أو بعضه جيداً فإن كان كل ماله ردياً فلا بأس بإعطاء الرديء {واعلموا أنّ الله غنيّ} عن إنفاقكم وإنما يأمركم به لانتفاعكم {حميد} أي: يجازي المحسن أفضل الجزاء على أنه لم يزل محموداً ولا يزال عذب أو أثاب.

{الشيطان يعدكم الفقر} أي: يخوّفكم به إن تصدّقتم ويقال: وعدته خيراً ووعدته شراً قال تعالى في الخير: {عدكم الله مغانم كثيرة} (الفتح، 20) وقال في الشر: {النار وعدها الله الذين كفروا} (الحج، 72) فإذا لم يذكر الخير والشر قلت: في الخير وعدته، وفي الشر: أوعدته والفقر سوء الحال وقلة ما في اليد وأصله من كسر الفقار ومعنى الآية أن الشيطان يخوّفكم بالفقر، ويقول للرجل: أمسك مالك فإنك إذا تصدّقت افتقرت.

{ويأمركم بالفحشاء} أي: بالبخل ومنع الزكاة قال الكلبي: كل فحشاء في القرآن فهو الزناء إلا في هذا الموضع.

{وا يعدكم مغفرة منه} لما وقع منكم من تقصير وفيه إشعار بأنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره، لما له من الإحاطة بصفات الكمال، ولما جبل عليه الإنسان من النقص.

{وفضلاً} بالزيادة في الدارين وكل نعمة منه فضل ثم أكد ذلك بقوله تعالى: {وا واسع} فضله {عليم} بالمنفق وغيره.

وفيه إشارة إلى أنه لا يضيع شيئاً وإن دقّ، وعن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ الله تعالى قال: يا ابن آدم أنفق أنفق عليك» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق مند خلق السموات والأرض فإنه لم ينقص ما في يمينه» قال: «وعرشه على الماء وبيده الأخرى القسط يرفع ويخفض» وعن أسماء أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعى الله عليك» .

{يؤتى الحكمة} أي: العلم النافع المؤدي إلى العمل. وقال السدّي: هي النبوّة وقال ابن عباس وقتادة: علم القرآن ناسخه، ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، ومقدمه، ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثال ذلك وقال الضحاك: هي القرآن والفهم فيه وقال: في القرآن مائة وتسع آيات ناسخة ومنسوخة وألف آية حلال وحرام لا يسع المؤمنين تركهن حتى يتعلموهنّ وقال مجاهد: هي القرآن والعلم والنفقة.

وقوله تعالى: {من يشاء} مفعول أوّل أخر للاهتمام بالمفعول الثاني وهو الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} لمصيره إلى السعادة الأبدية {وما يذكر} فيه إدغام التاء في الأصل في الذال أي: ما يتعظ بما قص من الآيات أي: ما يتفكر فإنّ المتفكر كالمتذكر لما أودع الله تعالى في قلبه من العلوم بالقوّة {إلا أولوا الألباب} أي: أصحاب العقول الخالصة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015