الخبر أي: فالحق مني أو فالحق قسمي وجواب القسم.
{لأملأن جهنم منك} أي: بنفسك وذريتك {وممن تبعك منهم} أي: من الناس، وقوله تعالى: {أجمعين} فيه وجهان أظهرهما أنه توكيد للضمير في منك ولمن عطف عليه في قوله تعالى: {وممن تبعك} والمعنى: لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين لا أترك منهم أحداً، وجوز الزمخشري أن يكون تأكيداً للضمير في منهم خاصة فقدر لأملأن جهنم من الشياطين وممن تبعهم من جميع الناس لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس، ثم قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
{قل} أي: لقومك {ما أسألكم عليه} أي: على تبليغ الرسالة أو القرآن {من أجر} أي: جعل {وما أنا من المتكلفين} أي: المتصفين بما لست من أهله على ما عرفتم من حالي فانتحل النبوة وأتقوّل القرآن وكل من قال شيئاً من تلقاء نفسه فهو متكلف له، وعن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود فقال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم، فإن من العلم أن يقول من لا يعلم: الله أعلم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} وقيل المعنى: إن هذا الذي أدعوكم إليه ليس يحتاج في معرفة صحته إلى التكلفات الكثيرة بل هو دين يشهد صريح العقل بصحته.
{إن} أي: ما {هو} أي: القرآن {إلا ذكر} أي: عظة وشرف {للعالمين} أي: للخلق أجمعين.
{ولتعلمن} جواب قسم مقدر ومعناه لتعرفن يا كفار مكة {نبأه} أي: خبر صدقه وهو ما فيه من الوعد والوعيد أو صدقه بإتيان ذلك {بعد حين} قال ابن عباس وقتادة: بعد الموت، وقال عكرمة: يوم القيامة، وقال الحسن: ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين، وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبي صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة ص كان له بوزن كل جبل سخره الله تعالى لداود عشر حسنات وعصمه أن يصر على ذنب صغير أو كبير» حديث موضوع.
مكية إلا قوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} الآية فمدنية وهي خمس وسبعون آية وألف ومائة واثنتانوتسعون كلمة وأربعة آلاف وسبعمائة وثمانية أحرف
{بسم الله} الذي له صفات الكمال {الرحمن} الذي أنعم على عباده بأنواع النعم {الرحيم} بأنواع المغفرة على المؤمنين من عباده.
{تنزيل الكتاب} أي: القرآن مبتدأ، وقوله تعالى: {من الله} أي: المتصف بجميع صفات الكمال خبره أي: تنزيل الكتاب كائن من الله تعالى، وقيل: تنزيل الكتاب خبر مبتدأ مضمر تقديره هذا تنزيل الكتاب من الله {العزيز} أي: الغالب في ملكه {الحكيم} أي: في صنعه ففي ذلك دلالة على أنه تعالى عالم بجميع المعلومات غني عن جميع الحاجات، فإن قيل: إن الله تعالى وصف القرآن بكونه تنزيلاً ومنزلاً وهذا الوصف لا يليق إلا بالمحدث المخلوق. أجيب: بأن ذلك محمول على الصيغ والحروف.
{إنا} أي: بما لنا من العظمة {أنزلنا عليك} يا أشرف الخلق خاصة بواسطة جبريل الملك {الكتاب} أي: القرآن الجامع لكل خير وقوله تعالى: