وهو ابن عم اليسع أو بشر بن أيوب واختلف في نبوته وكفلته فقيل: فر إليه مائة نبي من بني إسرائيل من القتل فآواهم وكفلهم وقيل: كفل بعمل رجل صالح كان يصلي كل يوم مائة صلاة {وكل} أي: وكلهم {من الأخيار} فهم قوم خيرون من الأنبياء تحملوا الشدائد في دين الله تعالى وصبروا فاذكرهم يا أفضل الخلق بفضلهم وصبرهم لتسلك طريقهم.
ولما أجرى تعالى ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتمه قال مؤكداً لشأنهم وشرف ما ذكر من أعمالهم:
{هذا} أي: ما تلوناه عليك من ذكرهم وذكر غيرهم {ذكر} أي: شرف في الدنيا وموعظة من ذكر القرآن ذي الذكر ثم عطف على قوله تعالى: {إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد} (ص: 26)
ما لأضدادهم فقال تعالى رداً على من ينكر ذلك من كفار العرب وغيرهم {وإن للمتقين لحسن مآب} أي: مرجع.
ولما شوق سبحانه إلى هذا الجزاء أبدل منه أو بينه بقوله تعالى:
{جنات عدنٍ} أي: إقامة في سرور وطيب عيش، ثم إنه تعالى وصف أهل الجنة بأشياء أولها قوله تعالى: {مفتحة لهم الأبواب} أي: أن الملائكة يفتحون لهم أبواب الجنة ويحيونهم بالسلام كما قال تعالى: {حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها} (الزمر: 73)
الآية وقيل: المعنى أنهم كلما أرادوا انفتاح الأبواب انفتحت لهم وكلما أرادوا انغلاقها انغلقت لهم، وقيل: المراد من هذا الفتح وصف تلك المساكن بالسعة وقرة العيون فيها، ثانيها: قوله تعالى:
{متكئين فيها} وقد ذكر في آيات أخر كيفية ذلك الاتكاء فقال تعالى في آية: {على الأرائك متكئون} (يس: 56)
وقال في آية أخرى: {متكئين على رفرف خضر} (الرحمن: 76)
ثالثها: قوله تعالى {يدعون فيها} أي: الجنات {بفاكهة كثيرة وشراب} أي: كثير فيدعون فيها بألوان الفاكهة وألوان الشراب.
ولما بين المسكن والمأكول والمشروب ذكر أمر المنكوح تتميماً للنعمة بقوله سبحانه تعالى:
{وعندهم قاصرات الطرف} أي: حابسات الطرف أي: العين على أزواجهن {أتراب} أي: أسنانهن واحدة وهي بنات ثلاث وثلاثين سنة واحدها ترب، وعن مجاهد: متواخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن وقيل: أتراب للأزواج، قال القفال: والسبب في اعتبار هذه الصفة لما تشابهن في الصفة والسن والجبلة كان الميل إليهن على السوية وذلك يقتضي عدم الغيرة وقرأ قوله تعالى:
{هذا ما يوعدون} ابن كثير وأبو عمرو بالياء التحتية على الغيبة والباقون بالفوقية على الخطاب، وجه الغيبة تقدم ذكر المتقين، ووجه الخطاب الالتفات إليهم والإقبال عليهم أي: قل للمتقين هذا ما توعدون {ليوم الحساب} أي: في يوم الحساب أو لأجله فإن الحساب علة الوصول إلى الجزاء.
{إن هذا} أي: المشار إليه إشارة الحاضر الذي لا يغيب {لرزقنا ما له من نفاد} أي: انقطاع وهذا إخبار عن دوام هذا الثواب.
تنبيه: من نفاد فاعل ومن مزيدة والجملة في محل نصب على الحال من رزقنا أي: غير نافد ويجوز أن يكون خبراً ثانياً لأن أي: دائم.
ولما وصف تعالى ثواب المؤمنين وصف بعده عقاب الظالمين ليكون الوعيد مذكوراً عقب الوعد والترغيب عقب الترهيب بقوله تعالى:
{هذا وإن للطاغين لشر مآب} أي: مرجع هذا في مقابلة قوله تعالى: {وإن للمتقين لحسن مآب} (ص: 49)
والمراد بالطاغين الكفار، وقال الجبائي: على مذهبه الفاسد هم أصحاب الكبائر سواء كانوا كفاراً أم لا واحتج الأول بأن هذا ذم