دعاه فقال: يا آصف ذكرت من مضى من أنبياء الله تعالى فأثنيت عليهم خيراً في كل زمانهم وكل حال أمرهم فلما ذكرتني جعلت تثني علي خيراً في صغري وسكت عما سوى ذلك من أمري فما الذي أحدثت في آخر عمري فقال آصف: إن غير الله تعالى يعبد في دارك، فقال سليمان عليه السلام: إنا لله وإنا إليه راجعون لقد عرفت أنك ما قلت الذي قلت إلا عن شيء بلغك، ثم رجع سليمان عليه السلام إلى داره فكسر الصورة وعاقب تلك المرأة وولائدها، وخرج وحده إلى فلاة ففرش الرماد وجلس عليه تائباً إلى الله تعالى.l
وكانت له أم ولد يقال لها: الأمينة إذا دخل للطهارة أو لإصابة امرأة وضع خاتمه عندها وكان ملكه فيه فوضعه عندها يوماً، فأتاها الشيطان صاحب البحر واسمه صخر على صورة سليمان عليه السلام وقال لها: يا أمينة خاتمي فناولته الخاتم وتختم به وجلس على كرسي سليمان عليه السلام فعكف عليه الطير والجن والإنس وتغيرت صفة سليمان عليه السلام، فأتى الأمينة يطلب الخاتم فأنكرته فعرف أن الخطيئة قد أدركته فكان يدور على البيوت يتكفف وإذا قال: أنا سليمان حثوا عليه التراب وسبوه وأخذ ينقل السمك للسماكين فيعطونه كل يوم سمكتين فإذا أمسى باع إحداها بأرغفة وشوى الأخرى فأكلها فمكث كذلك أربعين صباحاً مدة ما كان عبد الوثن في داره فأنكر آصف وعظماء بني إسرائيل حكم الشيطان.
وسأل آصف نساء سليمان عليه السلام فقلن: ما يدع امرأة في دمها ولا يغتسل من جنابة فقال آصف: إنا لله وإنا إليه راجعون إن هذا لهو البلاء المبين، ثم خرج على بني إسرائيل فقال: ما في الخاصة أعظم مما في العامة فلما مضى أربعون صباحاً طار الشيطان وقذف الخاتم في البحر فابتلعته سمكة فأخذها بعض الصيادين وقد عمل له سليمان عليه السلام بسمكتين صدر يومه ذلك حتى إذا كان العشي أعطاه سمكتيه فأعطى السمكة التي أخذت الخاتم، وخرج سليمان عليه السلام بسمكتيه فباع السمكة التي ليس في بطنها الخاتم بالأرغفة ثم عمد إلى السمكة الأخرى فبقرها ليشويها فاستقبله الخاتم في جوفها فأخذه فجعله في يده ووقع ساجداً، وعكفت عليه الطير والجن والأنس ورجع إلى ملكه وأخذ ذلك الشيطان وحبسه في صخرة وألقاه في البحر هذا ملخص حديث وهب، وقال الحسن: ما كان الله ليسلط الشيطان على نسائه.
وقال السدي: كان سبب فتنة سليمان عليه السلام أنه كانت له مائة امرأة وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة: وهي آثر نسائه وآمنهن عنده وكان يأتمنها على خاتمه إذا أتى حاجته فقالت له يوماً: إن أخي بينه وبين فلان خصومة فأحب أن تقضي له فقال: نعم ولم يفعل فابتلى بقوله: نعم، وذكر نحو ما تقدم وفي بعض الروايات أن سليمان عليه السلام لما افتتن سقط الخاتم من يده وكان فيه ملكه فأعاده سليمان عليه السلام إلى يده فسقط فأيقن سليمان عليه السلام بالفتنة، فأتاه آصف فقال لسليمان عليه السلام: إنك مفتون بذنبك والخاتم لا يتماسك في يدك ففر إلى الله تعالى تائباً فإني أقوم مقامك وأسير بسيرك إلى أن يتوب الله تعالى عليك، ففر سليمان عليه السلام إلى الله تعالى وأعطى آصف الخاتم فوضعه في يده فثبت فأقام آصف في ملك سليمان عليه السلام يسير بسيره أربعة عشر يوماً إلى أن رد الله تعالى على سليمان عليه السلام ملكه وتاب عليه ورجع إلى ملكه وجلس على سريره وأعاد الخاتم في يده، فهو الجسد