ظالمين، قال: ست سنين، قال: أنا أرحم بخلقي من ذلك، قال: فخمس سنين، قال: أنا أرحم بخلقي من ذلك، ولكن أعطيك ثأرك ثلاث سنين أجعل خزائن المطر بيدك، قال: فبأي شيء أعيش؟ قال: أسخر لك جنساً من الطير ينقل إليك طعامك وشرابك من الريف ومن الأرض التي لم تقحط، قال إلياس: قد رضيت، فأمسك الله تعالى عنهم المطر حتى هلكت الماشية والهوام والشجر وجهد الناس جهداً عظيماً، وإلياس على حالته مستخف من قومه يوضع له الرزق حيثما كان وقد عرف ذلك قومه.l
قال ابن عباس: أصاب بني إسرائيل ثلاث سنين القحط فمر إلياس بعجوز فقال لها: هل عندكم طعام؟ قالت: نعم شيء من دقيق وزيت قليل فدعا بهما ودعا فيه بالبركة حتى ملأ خوابيها دقيقاً وخوابيها زيتاً، فلما رأوا ذلك عندها، قالوا لها: من أين لك هذا؟ قالت: مر بي رجل من حاله كذا وكذا ثم وصفته بصفته فعرفوه وقالوا: ذلك إلياس، فطلبوه فوجدوه فهرب منهم ثم أنه أوى إلى بيت امرأة من بني إسرائيل لها ابن يقال له: اليسع بن أخطوب به مرض فآوته وأخفت أمره فدعا له فعوفي من الضر الذي كان به، واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمه وكان يذهب حيثما ذهب، وكان إلياس قد كبر سنه واليسع غلام شاب ثم إن الله تعالى أوحى إلى إلياس أنك قد أهلكت كثيراً من الخلق ممن لم يعص من البهائم والطير والهوام بحبس المطر، فقال إلياس: يا رب دعني أنا الذي أكون أدعو لهم وآتيهم بالفرج مما هم فيه من البلاء لعلهم أن يرجعوا عما هم عليه من عبادة غيرك، فقيل له: نعم، فجاء إلياس إلى بني إسرائيل فقال: إنكم قد هلكتم جوعاً وجهداً وقد هلكت البهائم والهوام والشجر بخطاياكم وإنكم على باطل، فإن كنتم تحبون أن تعلموا ذلك فاخرجوا بأصنامكم فإن استجابت لكم فذلك كما تقولون، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل فنزعتم ودعوتم الله سبحانه وتعالى، ففرج عنكم ما أنتم فيه من البلاء قالوا: أنصفت فخرجوا بأوثانهم فدعوها فلم تفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء ثم قالوا لإلياس: إنا قد هلكنا فادع الله لنا فدعا لهم إلياس ومعه اليسع بالفرج، فخرجت سحابة مثل الترس على ظهر البحر وهم ينظرون فأقبلت نحوهم وطبقت الآفاق ثم أرسل الله تعالى عليهم المطر فأغاثهم وحييت بلادهم، فلما كشف الله تعالى عنهم المطر لم ينزعوا عن كفرهم وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه، فلما رأى ذلك إلياس دعا ربه أن يريحه منهم، فقيل له: انظر يوم كذا وكذا فاخرج فيه إلى موضع كذا فما جاءك من شيء فاركبه ولا تهبه، فخرج إلياس ومعه
اليسع حتى إذا كانا بالموضع الذي أمر به أقبل فرس من نار، وقيل: لونه كلون النار حتى وقف بين يديه فوثب عليه إلياس وانطلق به الفرس وناداه اليسع: يا إلياس ما تأمرني؟ فقذف إليه بكسائه من الجو الأعلى فكان ذلك علامة استخلافه إياه على بني إسرائيل، وكان ذلك آخر عهده به ورفع الله تعالى إلياس من بين أظهرهم وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وكساه الريش، فكان إنسياً ملكياً أرضياً سماوياً، وسلط الله تعالى على لاجب الملك وقومه عدواً لهم فقصدهم من حيث لم يشعروا به حتى أرهقهم فقتل لاجب وامرأته إزميل في بستان مزدكي فلم تزل جيفتاهما ملقاتين في تلك الجنينة حتى بليت لحومهما ورمت عظامهما، ونبأ الله تعالى اليسع وبعثه رسولاً إلى