وطول من التربص، ومثل هذه الحال دل عليها قوله عز من قائل {رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطاباً يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً} (النبأ: 37 ـ 38)

كأنه قيل: يتوقعون ويتربصون ملياً فزعين ذاهلين حتى إذا فزع عن قلوبهم أي: كشف الفزع عن قلوبهم أي: كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الإذن {قالوا} أي: قال بعضهم لبعض {ماذا قال ربكم} أي: في الشفاعة ذاكرين صفة الإحسان ليرجع إليهم رجاؤهم فتسكن بذلك قلوبهم {قالوا} قال: القول {الحق} أي: الثابت الذي لا يمكن أن يبدل، بل يطابق الواقع فلا يكون شيء يخالفه وهو الإذن في الشفاعة لمن ارتضى منهم وهم المؤمنون {وهو العلي الكبير} أي: ذو العلو فلا رتبة إلا دون رتبته والكبرياء، فليس لملك ولا نبي أن يتكلم ذلك اليوم إلا بإذنه، روى البخاري في التفسير عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى الله الأمر في السماء صفقت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: {ماذا قال ربكم} قالوا الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة ويلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي من السماء» وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أراد الله أن يوحي بالأمر وتكلم بالوحي أخذت السماء رجفة، أو قال: رعدة شديدة خوفاً من الله تعالى فإذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا وخروا لله سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام فيكلمه الله تعالى من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل عليه السلام على الملائكة كلما مر بسماء سأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبريل: فيقول جبريل عليه السلام {قال الحق وهو العلي الكبير}

فيقولون كلهم مثل ما يقول جبريل عليه السلام، فينتهي جبريل عليه السلام بالوحي حيث أمره الله تعالى» وقال مقاتل والكلبي والسدي: كانت الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام خمسمائة وخمسين سنة وقيل: ستمائة سنة لم تسمع الملائكة فيها وحياً، فلما بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم كلم جبريل عليه السلام بالرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فلما سمعت الملائكة ظنوا أنها الساعة لأن محمداً صلى الله عليه وسلم عند أهل السموات من أشراط الساعة، فصعقوا مما سمعوا خوفاً من قيام الساعة، فلما انحدر جبريل عليه السلام جعل يمر بكل سماء فيكشف عنهم فيرفعون رؤوسهم ويقول بعضهم لبعض {ماذا قال ربكم قالوا الحق} يعني الوحي {وهو العلي الكبير} وقال الحسن وابن زيد: حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين عند نزول الموت إقامة للحجة عليهم قالت لهم الملائكة عليهم السلام: ماذا قال ربكم في الدعاء قالوا: الحق فأقروا به حيث لم ينفعهم الإقرار.

ولما سلب تعالى عن شركائهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015