يخطبها فنُهي عن ذلك، وقرأ أبو عمرو لا تحل لك بالتاء الفوقية والباقون بالياء التحتية، وشدد البزي التاء من أن تبذل.

تنبيه: في الآية دليل على إباحة النظر إلى من يريد نكاحها لكن من غير العورة في الصلاة، فينظر الرجل من الحرة الوجه والكفين، ومن الأمة ما عدا ما بين السرة والركبة، واحتج لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة وقد خطب امرأة: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما أن تدوم المودة والإلفة» رواه الحاكم وصححه. وقوله تعالى: {إلا ما ملكت يمينك} استثناء من النساء؛ لأنه يتناول الأزواج والإماء أي: فتحل لك، وقد ملك بعدهن مارية وولدت له إبراهيم ومات، واختلفوا هل أبيح له النساء من بعد؟ قالت عائشة: «ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء» أي: فنسخ ذلك، وأبيح له أن ينكح أكثر منهن بآية {إنا أحللنا لك أزواجك} ، فإن قيل: هذه الآية متقدمة وشرط الناسخ أن يكون متأخراً؟ أجيب: بأنها مؤخرة في النزول مقدمة في التلاوة، وهذا أصح الأقوال.

وقال أنس: مات على التحريم، وقال عكرمة والضحاك: معنى الآية لا تحل لك النساء بعد التي أحللنا لك بالصفة التي تقدم ذكرها، وقيل لأبي بن كعب: لو مات نساء النبي صلى الله عليه وسلم أكان يحل له أن يتزوج فقال: وما يمنعه من ذلك قيل: قوله تعالى: {لا تحل لك النساء من بعد} قال: إنما أحل الله تعالى له ضرباً من النساء فقال: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك} (الأحزاب: 50)

ثم قال {لا تحل لك النساء من بعد} قال أبو صالح: أمر أن لا يتزوج أعرابية ولا غريبة ويتزوج من نساء قومه من بنات العم والعمة، والخال والخالة إن شاء ثلثمائة وقال مجاهد: معناه لا تحل لك اليهوديات ولا النصرانيات بعد المسلمات ولا أن تبدل بهن، يقول: ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى. وقال ابن زيد في قوله تعالى: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم يقول الرجل للرجل: بادلني بامرأتك وأبادلك بامرأتي تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي فأنزل الله تعالى: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} يعني: تبادل بأزواجك غيرك بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته إلا ما ملكت يمينك فلا بأس أن تبادل بجاريتك من شئت، فأما الحرائر فلا.

روى عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم بغير إذن ومعه عائشة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «يا عيينة أين الاستئذان قال: يا رسول الله ما استأذنت على رجل من مضر مذ أدركت، ثم قال: من هذه الحميرة إلى جنبك فقال: هذه عائشة أم المؤمنين، فقال عيينة: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد حرم ذلك، فلما خرج قالت عائشة: من هذا يا رسول الله؟ قال: هذا أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه» .

ولما أمر تعالى في هذه الآيات بأشياء ونهى عن أشياء، وحد حدوداً حذر من التهاون بشيء منها ولو بنوع تأويل بقوله تعالى: {وكان الله} أي: الذي لا شيء أعظم منه وهو المحيط بجميع صفات الكمال {على كل شيء رقيباً} أي: حافظاً عالماً بكل شيء قادراً عليه فتحفظوا أمركم ولا تتخطوا ما حد لكم وهذا من أشد الأشياء وعيداً.

ولما ذكر حالة النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته في قوله تعالى: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً} (الأحزاب: 45)

ذكر حالهم معه من الاحترام له صلى الله عليه وسلم بقوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015