ليعلم أن زوجة المتبنى حلال للمتبني وإن كان قد دخل بها المتبنى، بخلاف امرأة ابن الصلب لا تحل للأب {وكان أمر الله} من الحكم بتزويجها وإن كرهت وتركت إظهار ما أخبرك الله تعالى به كراهية لسوء المقالة واستحياء من ذلك، وكذا كل أمر يريده سبحانه {مفعولاً} أي: قضاء الله تعالى ماضياً وحكمه نافذاً في كل ما أراده لا معقب لحكمه.
{ما كان على النبي} أي: الذي منزلته من الله تعالى الاطلاع على ألا يطلع عليه غيره من الخلق {من حرج فيما فرض} أي: قدر {الله} بما له من صفات الكمال وأوجبه {له} لأنه لم يكن على المؤمنين مطلقاً حرج في ذلك فكيف برأس المؤمنين؟ وقوله تعالى {سنة الله} منصوب بنزع الخافض أي: كسنة الله {في الذين خلوا من قبل} من الأنبياء عليهم السلام أنه لا حرج عليهم فيما أباح لهم، قال الكلبي ومقاتل: أراد داود عليه السلام حين جمع بينه وبين المرأة التي هويها، فكذلك جمع بين محمد وبين زينب. وقيل: أراد بالسنة النكاح فإنه من سنة الأنبياء عليهم السلام، فكان من كان من الأنبياء عليهم السلام هذا سنتهم، فقد كان لسليمان بن داود عليهما السلام ألف امرأة، وكان لداود مائة امرأة {وكان أمر الله} أي: قضاء الملك الأعظم في ذلك وغيره {قدراً} وأكده بقوله تعالى: {مقدوراً} أي: لا خلف فيه ولابد من وقوعه في حينه الذي حكم بكونه فيه وقوله تعالى:
{الذين} نعت للذين قبله {يبلغون} أي: إلى أممهم {رسالات الله} أي: الملك الأعظم، سواء كانت في نكاح أم غيره {ويخشونه} أي: فيخبرون بكل ما أخبرهم به {ولا يخشون أحداً} قل أو جلَّ {إلا الله} فلا يخشون قالة الناس فيما أحل الله لهم {وكفى بالله} أي: المحيط بجميع صفات الكمال {حسيباً} أي: حافظاً لأعمال خلقه ومحاسبهم.
ولما أفاد هذا كله أن الدعي ليس ابناً وكانوا قد قالوا: لما تزوج زينب كما رواه الترمذي عن عائشة تزوج حليلة ابنه قال تعالى:
{ما كان} أي: بوجه من الوجوه {محمد} أي: على كثرة نسائه وأولاده {أبا أحد من رجالكم} لا مجازاً بالتبني ولا حقيقة بالولادة، فثبت بذلك أنه يحرم عليه زوجة الابن، ولم يقل تعالى من بنيكم؛ لأنه لم يكن له في ذلك الوقت سنة خمس، وما داناها ابن ذكر لعلمه تعالى أنه سيولد له ابنه إبراهيم عليه السلام مع ما كان له قبله من البنين الطاهر والطيب والقاسم، وأنه لم يبلغ أحد منهم الحلم عليهم السلام. قال البيضاوي: ولو بلغوا لكانوا رجاله لا رجالهم. انتهى. وهذا إنما يأتي على أن المراد التبني. وقال البغوي: والصحيح أنه أراد بأحد من رجالكم: الذين لم يلدهم. انتهى. ومع هذا الأول أوجه كما جرى عليه البقاعي.
ثم لما نفى تعالى أبوته عنهم قال: {ولكن} كان في علم الله غيباً وشهادة {رسول الله} أي: الملك الأعظم الذي كل من سواه عبده {وخاتم النبيين} أي: آخرهم الذي ختمهم لأن رسالته عامة ومعها إعجاز القرآن فلا حاجة مع ذلك إلى استنباء ولا إرسال، وذلك مفض لئلا يبلغ له ولد إذ لو بلغ له ولد، لاق بمنصبه أن يكون نبياً إكراماً له؛ لأنه أعلى النبيين رتبة وأعظمهم شرفاً، وليس لأحد من الأنبياء كرامة إلا وله مثلها وأعظم منها، ولو صار أحد من ولده رجلاً لكان نبياً بعد ظهور نبوته، وقد قضى الله تعالى أن لا يكون بعده نبي إكراماً له.
روى أحمد وابن ماجة عن أنس وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم