وجلد فيه، وروي عن عائشة أنها برأته من ذلك، انتهى. وقال غيره: والله لا أظن به ذلك أصلاً وإن جاءت تسميته في الصحيح فقد يخطىء الثقة لأسباب لا تحصى كما يعرف ذلك من مارس نقل الأخبار وكيف يظن به ذلك ولا شغل له إلا مدح النبي صلى الله عليه وسلم والمدافعة عنه والذم لأعدائه، وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل معه وهو القائل يمدح عائشة ويكذب من نقل عنه ذلك:
*حصان رزان ما تزن بريبة
... وتصبح غرثي من لحوم الغوافل
*حليلة خير الناس ديناً ومنصباً
... نبي الهدى والمكرمات الفواضل
*عقيلة حي من لؤي بن غالب
... كرام المساعي مجدها غير زائل
*مهذبة قد طيب الله خيمها
... وطهرها من كل شين وباطل
*وإن كانت ما بلغت عني قلته
... فلا رفعت سوطي إليّ أناملي
*فكيف وودي ما حييت ونصرتي
... لآل رسول الله زين المحافل
*له رتبة عال على الناس فضلها
... تقاصر عنها سورة المتطاول
وفي هذا القدر كفاية لأولي الألباب، فإن هذه القصة عبرة لمن اعتبر فإن أهل الإفك استمروا في هذا أكثر من شهر والله تعالى عالم بما يقولون، وإن قولهم يكاد يقطع الأكباد في أحب خلقه إليه وهو قادر على تكذيبهم عند أول ما خاضوا فيه ولكنه سبحانه أراد لناس رفع الدرجات ولآخرين الهلكات ولا بأس ببيان غريب هذه الألفاظ التي وقعت في هذه القصة من كلام عائشة وغيرها قولها: إذن أي: أعلم بالرحيل، وقولها فقدت عقداً لي من جزع أظفار: هو نوع من الخرز وهو الحجر اليماني المعروف، وقولها: لم يهبلن أي: لم يكثر لحمهنّ من السمن فيثقلن، وقولها إنما يأكلن العلقة من الطعام وهو بضم العين أي: البلغة من الطعام وهي قدر ما يمسك الرمق وقولها: ليس بها منهم داعٍ ولا مجيب أي: ليس بها أحد لا من يدعو ولا من يرد جواباً، وقولها: فيممت أي: قصدت، وقولها: قد عرس من وراء الجيش، فأدلج التعريس نزول المسافر بالليل للراحة والإدلاج بالتشديد سيراً آخر الليل وبالتخفيف سير الليل كله، وقولها: باسترجاعه هو قول القائل: إنا لله وإنا إليه راجعون. قولها: خمرت أي: غطيت وجهي بجلبابي أي: إزاري، وقولها: موغرين في نحو الظهيرة الوغر: شدّة الحر وكذلك نحر الظهيرة أي: أولها، وقولها: والناس يفيضون أي: يخوضون ويتحدثون، وقولها: وهو يريبني يقال: رابني الشيء يريبني أي: تشككت فيه، وقولها: ولا أرى من النبي اللطف أي: الرفق بها، واللطف في الأفعال الرفق، وفي الأقوال لين الكلام، وقولها: حين نقهت أي: أفقت من المرض والمناصع المواضع الخالية تقضى فيها الحاجة من غائط وبول، وأصله المكان الواسع الخالي والمرط كساء من صوف أو خز، قولها فقالت: تعس مسطح أي: خسر، وقولها: يا هنتاه أي: يا بلهاء كأنها نسبتها إلى البله وقلة المعرفة، وقولها: لا يرقأ أي: لا ينقطع، وقول بريرة: إن رأيت بمعنى النفي أي: ما رأيت منها أمراً أغمصه عليها بالصاد المهملة أي: أعيبه، والداجن الشاة التي
تألف البيت وتقيم به، وقوله صلى الله عليه وسلم من يعذرني أي: إن أنا أكافئه