قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك» فأنزل الله تعالى تصديقاً لذلك: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} » (الفرقان، 86)
والزنا إيلاج حشفة أو قدرها من مقطوعها من الذكر المتصل الأصلي من الآدمي الواضح ولو أشل وغير منتشر، وكان ملفوفاً في خرقة بقبل محرم في نفس الأمر لعينه خال عن الشبهة المسقطة للحدّ مشتهي طبعاً بأن كان فرج آدمي حيّ ولا يشترط إزالة البكارة حتى لو كانت غوراء وأدخل الحشفة فيها، ولم يزل بكارتها ترتب عليه حد الزنا بخلاف التحليل لا بدّ فيه من إزالة البكارة لقوله صلى الله عليه وسلم «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» ، واختلف في اللواط هل يطلق عليه اسم الزنا أو لا؟ فقال بعضهم: يطلق عليه لقوله صلى الله عليه وسلم «إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان» ، والذي عليه أكثر أصحابنا أنه غير داخل تحت اسم الزنا لأنه لو حلف لا يزني فلاط لم يحنث، والحديث محمول على الإثم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم «إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان» ، وللشافعي في حده قولان؛ أصحهما أن الفاعل إن كان محصناً فإنه يرجم، وإلا فيجلد مائة ويغرب عاماً، وأما المفعول فلا يتصور فيه إحصان فيجلد ويغرب، والقول الثاني: يقتل الفاعل والمفعول به سواء كان محصناً أم لا لما روي عن ابن عباس أنه قال: من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وأما إتيان البهائم فحرام بإجماع الأئمة، واختلف في عقوبته على أقوال: أحدها: حد الزنا فيرجم الفاعل المحصن ويجلد غيره ويغرب، والثاني: أنه يقتل محصناً كان أو غير محصن لما روي عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه» ، والثالث: وهو الأصح أنه يعزر؛ لأن الحدّ شرع للزجر عما تميل النفس إليه، وضعفوا حديث ابن عباس لضعف إسناده، وهو وإن ثبت فهو معارض بما روي أنه صلى الله عليه وسلم «نهى عن ذبح الحيوان إلا لمأكله» .
وأما السحاق من النساء وإتيان المرأة الميتة والاستمناء باليد فلا يشرع فيه شيء من ذلك إلا التعزير والمقيم للحد هو الإمام أو نائبه، وللسيد أن يقيم الحدّ على رقيقه ولا تجوز الشفاعة في إسقاط الحدّ ولا تركه ولا تخفيفه كما قال تعالى: {ولا تأخذكم} أي: على أي حال من الأحوال {بهما رأفة} أي: رحمة ورقة فتعطلوا الحدود ولا تقيموها، وقرأ ابن كثير بفتح الهمزة والباقون بسكونها، والسوسي على أصله من البدل، وقيل: معنى الرأفة أن يخففوا الضرب {في دين الله} أي: الذي شرعه لكم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم «لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها» ، روي أن عمر رضي الله عنه جلد جارية له زنت، فقال للجلاد: اضرب ظهرها ورجليها، فقال له ابنه: ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله، فقال: يا بني إن الله تعالى لم يأمرنا بقتلها وقد ضربت فأوجبت. ثم إنه سبحانه وتعالى زاد في الحض على ذلك بقوله تعالى: {إن كنتم تؤمنون با} أي: الذي هو أرحم الراحمين فإنه ما شرع ذلك الا رحمة للناس عموماً وللزانين خصوصاً فلا تزيدوا في الحد ولا تنقصوا منه شيئاً، وفي الحديث «يؤتى بوال نقص من الحدود سوطاً فيقول: رحمة لعبادك، فيقال له: أنت أرحم مني، فيؤمر به إلى النار، ويؤتي بمن زاد سوطاً فيقول: لينتهوا عن معاصيك، فيؤمر إلى النار» وعن أبي هريرة: إقامة حد بأرض خير من مطر