الهمزة الثانية المكسورة بين الهمزة والياء، ويجوز إبدالها عندهم ياء خالصة ولا يدخلون بينهما شيئاً وقرأ هشام بتحقيق الهمزتين وإدخال ألف بينهما بخلاف عنه في الإدخال وعدمه، والباقون بتحقيق الهمزتين من غير إدخال بلا خلاف {يهدون} أي: يدعون إلينا من وفقناه للهداية {بأمرنا} أي: بإذننا {وأوحينا إليهم} أيضاً {فعل} أي: أن يفعلوا {الخيرات} ليحثوهم عليها، فيتم كمالهم بانضمام العلم إلى العمل، قال البقاعي: ولعله تعالى عبّر بالفعل دلالة على أنهم امتثلوا كل ما يوحي إليهم، وقال الزمخشري: أصله أن تفعل الخيرات، ثم فعلا الخيرات، ثم فعل الخيرات، وكذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة انتهى. وقوله تعالى: {وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} من عطف الخاص على العام تعظيماً لشأنهما؛ لأن الصلاة تقرب العبد إلى الحق تعالى، والزكاة إحسان إلى الخلق، قال الزجاج: الإضافة في الصلاة عوض عن تاء التأنيث يعني: فيكون من الغالب لا من القليل {وكانوا لنا} دائماً جبلة وطبيعة {عابدين} أي: موحدين مخلصين في العبادة ولذلك قدَّم الصلة، القصة الثالثة: قصة لوط عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
{ولوطاً} أي: وآتينا لوطاً أو واذكر لوطاً، ثم استأنف قوله تعالى: {آتيناه حكماً} أي: نبوّة وعملاً محكماً بالعلم، وقيل: فصلاً بين الخصوم {وعلماً} مزيناً بالعمل مما ينبغي علمه للأنبياء {ونجيناه من القرية} أي: قرية سدوم {التي كانت} قبل إنجائنا له منها {تعمل} أي: أهلها الأعمال {الخبائث} من اللواط والرمي بالبندق واللعب بالطيور والتضارط في أنديتهم وغير ذلك وإنما وصف القرية بصفةأهلها وأسندها إليها على حذف المضاف وأقامته مقامه ويدل عليه {إنهم كانوا} أي: بما جبلوا عليه {قوم سوء} أي: ذوي قدرة على الشرّ بانهماكهم في الأعمال السيئة {فاسقين} أي: خارجين من كل خير
{وأدخلناه} دونهم {في رحمتنا} أي: في الأحوال السنية والأقوال العلية والأفعال الزكية التي هي سببب للرحمة العظمى ومسببة عنها ثم علل ذلك بقوله تعالى {إنه من الصالحين} أي: الذين سبقت لهم منا الحسنى أي: لما جبلناه عليه من الخير. القصة الرابعة: قصة نوح عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
{ونوحاً} أي: واذكر نوحاً {إذ} أي: حين {نادى} أي: دعا الله تعالى على قومه بالهلاك بقوله: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً} (نوح، 26)
ونحوه من الدعاء {من قبل} أي: من قبل لوط ومن تقدّمه {فاستجبنا} أي: أردنا الإجابة وأوجدناها بعظمتنا {له} في ذلك النداء، ثم تسبب عن ذلك قوله تعالى: {فنجيناه وأهله} أي: الذين دام ثباتهم على الإيمان وهم من كان معه في السفينة {من الكرب العظيم} أي: من أذى قومه ومن الغرق والكرب الغمّ الشديد قاله السدّي وقال أبو حيان الكرب أقصى الغمّ والأخذ بالنفس وهو هنا الغرق عبّر عنه بأوّل أحوال مأخذ الغريق.
{ونصرناه} أي: منعناه {من القوم} أي: المتصفين بالقوّة {الذين كذبوا بآياتنا} من أن يصلوا إليه بسوء، وقيل: من بمعنى على {أنهم كانوا قوم سوء} أي: لا عمل لهم إلا ما يسوء {فأغرقناهم أجمعين} لاجتماع الأمرين تكذيب الحق والانهماك في الشر لم يجتمعا في قوم إلا وأهلكهم الله تعالى.
القصة الخامسة: قصة داود وسليمان عليهما السلام المذكورة في قوله تعالى:
{وداود وسليمان} ابنه أي: اذكرهما واذكر