وسبينا ثم أتينا الخليج فقال مثل مقالته فأجزنا وما بل الماء حوافر دوابنا والأخبار في ذلك كثيرة.

ولما قال فتاه ذلك كأنه قيل فما قال موسى عليه السلام حينئذٍ؟ {قال} له {ذلك} أي: الأمر العظيم من فقد الحوت {ما كنا نبغ} أي: نريد من هذا الأمر المغيب عنا فإن الله تعالى جعله موعداً في لقاء الخضر، وقرأ نافع وأبو عمرو والكسائي بإثبات الياء وصلا لا وقفاً وابن كثير يثبتها وصلاً ووقفاً والباقون بالحذف {فارتدّا على آثارهما} أي: فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه يقصانها {قصصاً} أي: يتبعان أثرهما إتباعاً أو مقتصين حتى يأتيا الصخرة، قال البقاعي: يدل على أنّ الأرض كانت رملاً لا علم فيها فالظاهر والله أعلم أنه مجمع النيل والملح عند دمياط أو رشيد من بلاد مصر ويؤيده نقر العصفور في البحر الذي ركب في سفينته للتعدية كما في الحديث، فإن الطير لا يشرب من الملح ومن المشهور في بلاد رشيد أنّ الأمر كان عندهم وأن عندهم سمكاً ذاهب الشق يقولون: إنه من نسل تلك السمكة والله أعلم انتهى. وتقدم عن قتادة أنه ملتقى بحر فارس والروم، وقال محمد بن كعب طنجة، وقال أبيّ بن كعب: إفريقية، وقيل: البحران موسى والخضر لأنهما كانا بحري علم، قال ابن عادل: وليس في اللفظ ما يدل على تعيين هذين البحرين فإن صح في الخبر الصحيح شيء فذاك وإلا فالأولى السكوت عنه انتهى. ثم استمرا يقصان حتى انتهيا إلى موضع فقد الحوت {فوجدا عبداً من عبادنا} مضافاً إلى حضرة عظمتنا قيل: كان ملكاً من الملائكة والصحيح الذي جاء في التواريخ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الخضر واسمه بليا بن ملكان وكنيته أبو العباس، قيل: كان من بني إسرائيل وقيل: من أبناء الملوك الذين تنزهوا وتركوا الدنيا، والخضر لقب سمي بذلك لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء والفروة قطعة نبات مجتمعة يابسة، وقيل: سمي خضراً لأنه كان إذا صلى اخضرّ ما

حوله، روي أن

موسى عليه السلام رأى الخضر مسجى موكأ فسلم عليه فقال الخضر: وأني بأرضك السلام، قال: أنا موسى أتيتك تعلمني مما علمت رشداً، وفي رواية لقيه وهو مسجى بثوب مستلقياً على قفاه بعض الثوب تحت رأسه وبعضه تحت رجليه، وفي رواية لقيه وهو يصلي، ويروى لقيه وهو على طنفسة خضراء على كبد البحر، وروي أن موسى عليه السلام لما وصل إليه قال: السلام عليك، فقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل، فقال موسى: ما عرّفك هذا؟ فقال: الذي بعثك إليّ، وكان الخضر في أيام أفريدون وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر وبقي إلى أيام موسى، وقيل: إن موسى سأل ربه أيّ عبادك أحب إليك؟ قال: «الذي يذكرني ولا ينساني» ، قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: «الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى» فقال: فأي عبادك أعلم؟ قال: «الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى» ، فقال: إن كان في عبادك أفضل مني فادللني عليه قال: أعلم منك الخضر، قال: أين أطلبه؟ قال: على ساحل عند الصخرة، قال كيف لي به؟ قال: تأخذ حوتاً في مكتل فحيث فقدته فهو هناك {آتيناه} بعظمتنا {رحمة من عندنا} أي: وحياً ونبوة وكونه نبياً هو قول الجمهور، وقيل: إنه ليس بنبي. قال البغوي: عند أهل العلم أي: فعندهم أنه وليّ {وعلمناه من لدنا} أي: مما لم يجر على قوانين العادات على أنه ليس بمستغرب عند أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015