أن تعتقدوا إن ما قدر في الأزل لابد من كونه وما لم يقدر فوقوعه محال وأنه تعالى خلق الخير والشر فهما مضافان إليه تعالى خلقًا وإيجادًا وإلى العبد فعلاً واكتسابًا وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره قال العلقمي وفي الطبقات الكبرى لابن السبكي عن الربيع بن سليمان قال سئل الشافعي رضى الله تعالى عنه عن القدر فأنشأ يقول:
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت أن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى والمنن
على ذا مننت وهذا خذلت وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن
(فإنه) أي فإن إنكاره كما تقدم (شعبة من النصرانية) أي فرقة من فرق دين النصارى وذلك لأن المعتزلة الذين هم القدرية أنكروا إيجاد الباري فعل العبد وجعلوا العبد قادرًا عليه فهو إثبات للشريك كقول النصارى (ابن أبي عاصم) أحمد بن عمر (طب عد) كلهم (عن ابن عباس) قال الشيخ حديث ضعيف (اتقوا اللاعنين) وفي رواية مسلم اللعانين بصيغة المبالغة أي الأمرين الجالبين للعن أو الشتم والطرد الباعثين عليه (الذي يتخلى) على حذف مضاف وهو خبر عن مبتدأ محذوف أي أحدهما تغوط الذي يتغوط (في طريق الناس) المسلوك (أو في ظلهم) أي والثاني تغوط الذي يتغوط في ظلهم المتخذ مقبلاً أو للتحدث فيكره تنزيهًا وقيل تحريمًا واختاره في المجموع لما فيه من الإيذاء (حم م هـ) عن أبي هريرة (اتقوا الملاعين) مواضع اللعن جمع ملعنة الفعلة التي يلعن بها فاعلها (الثلاث) في رواية الثلاثة والأول القياس (البراز) قال العلقمي قال في النهاية هو بالفتح اسم للفضاء الواسع فكنوا به عن قضاء الحاجة كما كنوا عنه بالخلاء وبالكسر كناية عن الغائط فيجوز فتح الباء وكسرها (في الموارد) أي المجاري والطرق إلى الماء (وقارعة الطريق) قال الجوهري أعلاه وقال في النهاية وسطه وقيل أعلاه وقال النووي في شرحه صدره وقيل وسطه وقيل ما برز منه (والظل) الذي يجتمع فيه الناس لمباح ومثله كل محل اتخذ لمصالحهم المباحة فليس المراد كل ظل يمنع قضاء الحاجة تحته فقد قعد المصطفى لحاجته تحت حائش نخل وللحائش ظل بلا ريب ذكره في المجموع (ده ك هق) عن معاذ بن جبل وإسناده حسن (اتقوا الملاعن الثلاث) لقضاء الحاجة ويقضيها (في ظل يستظل) بالبناء للمجهول أي يستظل الناس (فيه) للوقاية من حر الشمس ومثله موضع الشمس في الشتاء (أو في طريق مسلوك أو نقع) أي ماء ناقع بنون ثم قاف أي مجتمع فيكره ذلك قال الأذرعي وغيره وفي هذه الأحاديث عموم للفضيلتين وهو رد على من خصه بالغائط (حم) عن ابن عباس قال الشيخ حديث صحيح (اتقوا المجذوم) أي الذي به الجذام وهو داء رديء جدًا معروف (كما يتقى الأسد) أي اجتبنوا مخالطته كما تجتنبوا مخالطة الحيوان المفترس فإنه يعدي المعاشر بإطالة اشتمام ريحه وباستعداد