فإن اللعنة تنزل عليهم) يعنى الطرد والبعد عن منازل الأبرار (يا علي) بن أبي طالب (إن الله تعالى خلق المعروف وخلق له أهلاً فحببه لهم وحبب إليهم فعاله ووجه إليهم طلابه) بالتشديد (كما وجه الماء فى الأرض الجدبة) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة المنقطعة الغيث من الجدب وهو المحل وزناً ومعنى لتحيى به ويحيى به أهلها (إنّ أهل المعروف فى الدنيا هم أهل المعروف فى الآخرة) أي من بذل معروفه للناس فى الدنيا آتاه الله جزاء معروفه فى الآخرة وقيل من بذل جاهه لأصحاب الجرائم فيشفع فيهم شفعه الله فى أهل التوحيد فى الآخرة وعن ابن عباس أنه يغفر لهم بمعروفهم وتبقى حسناتهم خاصة فيعطونها لمن زادت سيأته على حسناته فيغفر له ويدخل الجنة فيجتمع لهم الإحسان فى الدنيا والآخرة (ك) عن على أمير المؤمنين قال المناوي وصححه الحاكم ورده الذهبى وغيره (اطلع فى القبور) قال العلقمى زيارة القبور من أعظم الدواء للقلب القاسى لأنها تذكر الموت والآخرة وذلك يحمل على قصر الأمل والزهد فى الدنيا وترك الرغبة فيها ولا شئ أنفع للقلوب القاسية من زيارة القبور قال شيخنا أخرج ابن أبي الدنيا فى كتاب القبور بسند مبهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر بالبقيع فقال السلام عليكم يا أهل القبور اختبار ما عندنا أن نساءكم قد تزوجن ودياركم قد سكنت وأموالكم قد فرقت فأجابه هاتف يا عمر بن الخطاب أخبار ما عندنا أن ما قدمناه فقد وجدناه وما أنفقناه فقد ربحناه وما خلفناه فقد خسرناه وأخرج الحاكم فى تاريخ نيسابور والبيهقي وابن عساكر في تاريخ دمشق بسند فيه من يجهل قال دخلنا مقابر المدينة مع علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه فنادى يا أهل القبور السلام عليكم ورحمة الله تخبرونا بأخباركم أم تريدون أن نخبركم قال فسمعنا صوتاً وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين خبرنا بما كان بعدنا فقال علي أما أزواجكم فقد تزوجت وأما أموالكم فقد قسمت وأما الأولاد فقد حشروا في زمرة اليتامى والبناء الذى شيدتم فقد سكنه أعداؤكم فهذه أخبار ما عندنا فما أخبار ما عندكم فأجابه ميت قد تحرقت الأكفان وانتشرت الشعور وتقطعت الجلود وسالت الأحداق على الخدود وسالت المناخر بالقيح والصديد ما قدّمناه وجدناه وما خلفنا خسرناه ونحن مرتهنون بالأعمال اهـ فعلى أصحاب القلوب القاسية أن يعالجوها بأربعة أشياء الأول الإقلاع عم هم عليه بحضور مجالس الذكر والوعظ والعلم والتذكير والتخويف والترغيب والترهيب وأخبار الصالحين والثاني ذكر الموت فإنه هادم اللذات ومفرق الجماعات وميتم البنين والبنات والثالث مشاهدة المحتضرين والرابع زيارة القبور فإذا تأمل الزائر حال من مضى من إخوانه وكيف انقطع عنهم الأهل والأحباب وكيف انقطعت عنهم آمالهم ولم تنفعهم أموالهم ومحا التراب محاسن وجوههم وترمل من بعدهم نساءهم وأبناؤهم وأن حاله سيئول إلى حالهم ومآله كما لهم أقبل على الله ورق قلبه وخشعه (واعتبر بالنشور)