لأنس: أنه يدل على بطلان الحديث الآخر، قال: وكيف يصحُّ ذلك وهو - صلى الله عليه وسلم - يحضُّ على النكاح والتماس الولد؟!
ولذلك تعقّب الداوديَّ شيخُنا (?) -رحمَهما الله- وقال: «إنه لا مُنافاةَ بينهما، يعني بين الحضِّ على النكاح والتماسِ الولد، وبين الدعاء بعدم حصُول الولد والمال معاً، لاحتمال أن يكون وردَ في حصول الأمرين معاً» .
قال: لكن يعكر عليه كراهيتُه لغير أنس ما دعا به له، ثم أجاب عنه بما أسلفتُه معزوّاً إليه.
فإن استُشكِل دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - على من لم يؤمن به بكثرةِ المال والولد بمن يشاهَدُ من الكفار المُقلّين منهما معاً، والحالُ أن دعاءَه - صلى الله عليه وسلم - مجابٌ، أُمكِنَ أن يقال: لعلّه - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد حقيقة الدعاء عليهم، إنما أراد منه تنفير من يحبهما معاً من محبيه على الوجه المذموم كما تقدم.
ونحوه القول في غالبِ من دعا عليهم - صلى الله عليه وسلم - من الكفار، ممن تخلّف دعاؤه فيهم، بأنه لم يُرِدْ بذلك إهلاكَهم، وإنما أراد ردعَهم؛ ليتوبوا.
وقد قيل في (عقرى) و (حلقى) أن ظاهره الدعاء لكنه غير مراد، وكذا قيل في (ويل أمه) و (لا أبا له) ، و (ترِبت يداه) ، و (قاتله الله) ونحو ذلك.
ويحتمل أن يقال: لعله أراد قوماً مخصوصين في زمنه - صلى الله عليه وسلم - أو يقال بالفرق بين من صدر منه الدعاء عليه بطريق التعيين، وبين من اندرج في العموم، لا سيما بعد نزول قولِه -تعالى-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128] ، فقد صحّ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يدعو على