فانظر يا عبد الله، إلى هذا الإيمان العظيم، والتسليم الصادق لله - عز وجل - ورسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -، إذ لم يناقشوا القضية من الوجهة العقلية، فإن العقل المجرد عن الإيمان، يأبى أن يؤمن بأن الحيوان يتكلم، غير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شهد لأبي بكر وعمر بالتصديق رغم أنهما غائبان لم يسمعا القصة، فأين شذاذ الآفاق اليوم من أذناب المعتزلة، دعاة المدرسة العقلية المنحرفة من هذا؟ !
ثم مسألة أخرى، أي عقل هذا الذي نحكِّم في شرع الله .. ففضلاً عن أن العقل عاجز عن إدراك كل شيء حوله، فكيف يمكنه إدراك الغيبيات فضلاً عنه أنه مختلف متناقض، ليس له قاعدة مطردة، ولا أصل يرجع إليه، فعقلي غير عقلك غير عقله، فأي العقول نصدق، وأي العقول نحكم؟ !
ولذلك قال سلفنا الصالح قولتهم المشهورة: "من الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم"
ومثل الذين يردون النصوص الشرعية، بحجة عدم قبول عقلهم لها، كمثل الطفل الذي يسأل: لماذا لا تقرص النحلة الخشب، ولا تستطيع الفراشة أن تخرج من الزجاج، وعندما يتعلم الطلاب كروية الأرض، يتساءلون لماذا لا يسقط الذين هم من الطرف الآخر.
[هذه هي سذاجة من قَدَّم العقل على النقل، ومَن تعالى بفكرُه على الشرع.] [*]