ويمكن القول: إن التربية في البيئة الواحدة تُكَوِّن عناصر ومشاعر متشابهة ومتناسقة لدرجة الاتحاد، وهذا ما حصل في تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فتكونت منهم مشاعر متشابهة نتيجة وحدة العقيدة وسلامتها، ومتانة التربية، ولكن تظل الفروق الفردية موجودة بما لا يحدث تصدعاً في البيئة الاجتماعية، فتجد الرجل يتصدق بماله وآخر بأكثر ماله، وآخر بنصفه وأقله.
3- الأساس التاريخي للعلوم التربوية والاجتماعية:
من خلال الاستقراء يتضح أن الدراسات الغربية في مجال التربية نشأت منذ العصر اليوناني القديم على يد سقراط، وأرسطو، وأفلاطون، واتصفت بصفتين:
أ - قلتها ونضوب معلوماتها.
ب - عدم مصداقيتها وجدليتها.
أي أنها تعالج القضايا التربوية بأسلوب فلسفي جدلي غير قطعي الدلالة، مع افتقاره إلى صحة المنهجية وسلامتها، وإلى الأصول المرجعية الصحيحة.
ولم يضف الخلف الغربيون إلى أسلافهم اليونانيين جديداً، بحيث تنقل تلك الاتجاهات الفلسفية إلى علوم قطعية، ذات قوانين وضوابط، وبالتالي فإن هذا الميدان لم يزل حتى اليوم يكتنف أكثره الفقر العلمي، وضعف المصداقية لأبحاثه ودراساته الإنسانية.
“وأما فروع المعرفة التي يسميها الغرب العلوم الاجتماعية لا يكاد عمرها يتجاوز القرن الواحد، وفي كثير من الجامعات تضم هذه العلوم خمسة فروع هي: علم الاجتماع، وعلم الإنسان، وعلوم السياسة والاقتصاد، والتاريخ، وعلم النفس”1.