تكوينها وتغيرها، وهذا يُكَوِّن عجزاً معملياً للقياس الكمي التجريبي، وتبعاً لذلك قدم الغرب نظريات يعتريها الخطأ، فباتت غير عملية في فهم السلوك البشري، ولم تثبت جدواها.

فالمنافقون عاشوا مع المسلمين في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يكن يعرفهم الصحابة من خلال سلوكياتهم إلا مَنْ بينهم المصطفى صلى الله عليه وسلم.

فالإنسان قد يتقمص مشاعر ومسالك سلوكية ويبطن غير ذلك فكيف تقاس هذه المشاعر وتخضع للتجريب كما هو حال المنافقين؟.

إن المشاعر الإنسانية لمجموعة من البشر قد تكون متقاربة لدرجة الاتحاد، فتكون متماثلة في درجة الصدق أو الإيثار كما هو حال الأنصار الذين وصف الله تعالى لنا مشاعرهم وأفعالهم - قال تعالى:

{وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 1.

ومن مشاعر الكفار اختلاف قلوبهم مع أن ظاهرهم الاجتماع والاتحاد، قال تعالى: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} 2. فحسب المقاييس البشرية الظاهرية أنهم كتلة واحدة، والحقيقة خلاف ذلك تماماً.

فكيف يمكن قياس مثل هذه المشاعر بالمقاييس التجريبية؟ وقد تبيّن أن مظاهر الكفار خلاف مشاعرهم، وبالتالي يمكن القول لولا أن الله تعالى علمنا هذه الحقيقة كيف نتوصل إليها؟.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015