فما تضمنته أصول هذا الدين من حق وما أودعه الله في نفوس الخلق من الفطرة، يرجحان كفة سبق أهل الحق بحقهم إلى عقول الناس، إذا جدوا في ذلك واجتهدوا.
فإذا انتقلنا إلى فروع هذا الدين من شريعة الله الشاملة، وجدناها كذلك تناسب الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وتحقق لهم مصالحهم في الحياة الدنيا والآخرة، بخلاف القوانين البشرية التي يكتنف واضعها الجهل والظلم والغفلة، والتي تغلب مفاسدها ما قد يوجد فيها من مصالح، لأن مصدر شريعة هذا الدين هو الله المتصف بالعلم المحيط بكل شيء، والعدل الثابت الذي لا يتغير، المنزه عن الجهل والظلم والغفلة {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} .
فتَوَافُقُ منهاج هذا الدين وفطرة الناس من أهم ما يعين دعاة الحق على السبق بحقهم إلى عقول الناس، بخلاف أهل الباطل، فإن باطلهم يحمل في ذاته ما يعطل سيره، أو يبطئه، كما أن الفطرة السليمة تنفر منه، والفطر التي فسدت باجتيال الشياطين، تتيقظ لخطره إذا انُفض عنها غباره، بدعوة أهل الحق وسبقهم إلى عقول أصحابها به.