فمزق كل منهما عرض صاحبه أي عدوه. ثم صاحا واستغاثا وتشاكيا لدى الحاكم وتباهلا وتهاترا. فلما ثبت للحاكم أن فعلهما فعل الشبازقة رأى أن مداومتهما بغرامة رابية، أولى من حصرهما في الزاوية. فانصرف كل منهما وقد غرم كذا وكذا بدرة. ثم أن الضوطار الأول اتخذ له بعد ذلك قبعة بين بين. أي نصفها مدور ونصفها مخروط بحيث لا يقدر على تمييزها إلا الجهبذ النحرير، والناقد الخبير وآب إلى حانوته كمن قفل من غزوة أو اسر الدحية "رئيس الجند" أو كذلك الديك الغالب. وأول ما أطل على السوق أمر جميع القبعيين أن يخرجوا لملاقاته بالتقليس لا بالتلقيس. فخرجوا على تلك الحالة وهم يضجون ويقولون: اليوم عيد القبعة. اليوم عيد الفرقعة. يا أمععة يا أمعة. فبصر بهم أعوان الحاكم في ذلك الصقع فظنوا أنهم خلعوا ربقة الطاعة. وشقوا عصا الجماعة. فبادروهم بآلات الاز والبحز والبخز والبزّ والبغز والبهز والجرز والجلز والحزّ والحفز والخز والدغز والرز والرفز والزز والشخز والشرز والشفز والشكز والضخز والضفز والطعز والعرز والقحز والقلز واللبز واللتز واللزّ واللكز واللقز واللمز واللهز والمحز والمرز والمهز والنحز والنخز والنغز والنكز والنهز والوخز والوكز والوقز والوهز والهبز والهرز والهمز والرهز. حتى جعلوهم عبرة للمعتبر. وفرّ الضوطار بقبعته وقد أوقع قومه في الخزي والعار مما أصاب الرجال من الرزء ولحق النساء من الزيادة. ومع ذلك كله فلم يجده شيخ السوق المستعز به شيا. بل ظل مكبّاً على تعاطي الأفيون لطول أرقه وتبييته. وقد سد أذنيه ببعض أوراق دفاتر السوق لئلا يسمع صراخ المستجيرين به أو يوقظه أحد من سباته. فهو راقد إلى هذا اليوم أي يوم تدوين هذه الواقعة. فإن أفاق فللقارئ أن يقيد ذلك في آخر هذا الفصل فقد تركت له محلا.
انتهت دحرجة الجلمود والحمد لواجد الوجود