إلى الله أشكو ما أرى تحت طاقتي ... أموراً غداً تكليفها فوق طاقتي
أرى كل يوم ألف ماش مخاصراً ... لأنثى على أني مخاصر فاقتي
ومنها
لي غرفة ما شأنها شيء سوى ... أن ليس تجري تحتها الأنهار
وغنيت عن هذا بما يجري ... من العجلات تحسد من بها الأقمار
ومنها
عجبت لكم يا قوم مع ضعف دينكم ... وشدة برد كيف لم تعبدوا النارا
كأني بكم تلهون عنها بحرّ من ... تذيقكم في حبها النار والعارا
ومنها
شرط الزيارة من بعد الطعام على ... حكم المزور وأن لا تمنع الشغلا
ومن يزرني صباحاً فهو في خطر ... أن لا أقول له أهلاً ولا سَهْلا
ومنها
رأوا دخان قميني صاعداً فجرى ... بالماء قوم ليطفوا سورة اللهب
فقال بعض أقينُ أنت قلت نعم ... أقين شعراً وعندي معمل الكذب
خليلي لا تستنكر عائل الوجد ... إذا كنتما ممن درى لائع البعد
ولا تعذلاني في الغرام فأنني ... على خير ما أهوى غريم له وحدي
ومن ذا الذي يرضى البلاء لنفسه ... وتزكو له حال مع الحزن والسهد
وهل ينعمن عيشاً مُكابد وحشةٍ ... مشتت شمل ضائع والقصد
نأى سكني عني وعوّضت عنهم ... يحيرة مقت ليس قربهم يجدي
كأنَّ زماني شاء في كل حالة ... يراني فرداً يا لشأني من فرد
فماضي نعيمي لم يكن من مضارع ... له حيث هم في الحسن جلوا عن الندّ
فماذا دهاني بعد حظٍّ غنمته ... وقد كنت فيعيش بقربهم رغد
وماذا على الأيام لو كان طُولها ... له لا سواد من مطالعها يُعدي
أفي الناس مثلي في مقام فؤادُهُ ... وفي غيره جُثمانه واحدَ الفقد
وغيري أراهُ فاقد الوجد وهو في ... نعيمٍ له جَدّ مُعين بلا جِدّ
وهل في سبيل الله راحم لوعة ... تعاودني لا بل غرتني كالجِلد
وهل مبلغ عني النسيم تحية ... إليهم وما بي من غرام لهم يبدي
أهيم بما كانت تراه أحبّتي ... وأن يك من بعض الجماد أو الضد
وألهج بالقول الذي لهجوا به ... فتذكاره ذكرى وإيراده ورِدْي
يحق لي التشبيب ما دمت شاعراً ... بهم لا بهند أو بميّة أو دعد
ولو لم يكن لي مطمع في لقائهم ... لآثرت توسيدي مذ اليوم في لحدي
ولكنني أرجو زماناً يسرّني ... بهم عن قريب وهو أشهى المنى عندي
يقولون لي صبراً وكيف تصبري ... ولست إلى نور التبصّر أستهدي
لعمرك سلطان الهوى قاهرُ فما ... نجا من مغاويه الرشيد ولا المهدي
ألا ليت دمعي حيث هم واقفون قد ... جرى ولدي أقدامهم قام كالحد
فيمنعهم عن أن يسيروا ويبعدوا ... فحسبي من سير وحسبي من بُعد
أأحبابنا هل ودّكم بعدُ سالمُ ... وهل أنتم باقون مثلي على العهد
أرى بكم الدنيا وليست أراكمُ ... بها أن شأني اليومّ حَيْرة ذي الرشد
أتى العيد بالأفراح للناس كلهم ... وما اعتادني فيه سوى الهمّ والنكْد
وما لي لا أشكو وقد طال بُعدكم ... وما بيننا ما ليس يُبلَغ بالوخد
وماذا الذي أرجوه بعد فراقكم ... وعندي استوى شأنا الترفه والجَهْد
فيا حبذا عيد انبعاثي إليكم ... كما يُبعث الطيرُ الغليل إلى الورْد
ولو زارني قبل اللقاء خيالكم ... وعانقته ليلاً فلذلك من جدّي
إذا نظرت عيني البريد فأنّ لي ... لقَلباً من الأيْجاس يخفق كالبند
فإن كان لي منكم كتابُ لثمته ... وأقررته من بعد ذاك على كبدي
فما كان من آثاركم فهو مؤثّر ... على العين والعِينين والعَين والنقد
فليس سواه اليوم عندي تعلّة ... وما غيره أُلفى لحرّي من برد
وإن لم يكن تجرِ الدموع لما جوى ... وأرتدّ عنه كالعديم عن الرفد
أو ما كفاني اليوم طول تناء ... عمن أحب ولات حين لقاء
يا راحلين وفي الفؤاد مقامهم ... كم ذا أقول سكنتم أحشائي
ولكم أعاتب سوء حظي فيكم ... لكن دهري لا يجيب ندائي
سافرتم للبرء مما نالكم ... فمتى يكون بقربكم إبرائي