أَنْشَدَنَا الْمُهَذِّبُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَاسِبُ لِنَفْسِهِ بِدِمَشْقَ وَهُوَ مِنَ الْمَعَانِي الْغَرِيبَةِ:
مَنْ لِي بِأَهْيَفَ قَالَ حِينَ عَتَقْتُهُ ... فِي قَطْعِ كُلِّ قُضْبَانٍ رَائِقِ
يَحْكِي مَعَاطِفَهُ الْمرشاق إِذَا ... انْثَنَى رَيَّانَ مِنْ جَدَاوِلَ وَحَدَائِقِ
سَرَقَتْ غُصُونُ الْبَانِ لِينَ ... مَعَاطِفي فَقَطَعَتْهَا وَالْقَطْعُ حَدُّ السَّارِقِ
وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا لِنَفْسِهِ:
وَمُهَفْهَفٍ مَاءُ الْحَيَاةِ ... رِضَابُهُ الْعَذْبُ الْخَضِرْ
أَوَ مَا تَرَى ظُلُمَاتِ ... صُدْغَيْهِ وَشَارِبِهِ الْحَصِرْ
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ أَيْضًا:
وَرِيمِيِّ اللِّحَاظِ رَأَى غُرَابًا ... فَأَوْتَرَ قَوْسَهُ وَرَمَى بِسَهْمِ
فَخِلْتُ الْبَدْرَ أَرْسَلَ عَنْ هِلالٍ ... إِلَى اللَّيْلِ الْبَهِيمِ شِهَابَ رَجْمِ
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ أَيْضًا:
عَايَنْتُ فِي الْمَيْدَانِ أَسْوَدَ ضَارِبَا ... كُرَةً أَصَابَ بِهَا الْغَزَالَ الأَشْنَبَا
فَوَقَعْتُ فِي الْمَيْدَانِ وِقْفَةَ جَابِرٍ ... وَعَجِبْتُ حَتَّى كِدْتُ أَنْ لا أَعْجَبَا
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ وَالْعَجَائِبُ جَمَّةٌ ... أَنِّي أَرَى الشَّيْطَانَ يَرْجُمُ كَوْكَبَا
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ أَيْضًا يَمْدَحُ دِمَشْقَ:
سُقْيًا لِوَادِي....
بِخَلق لله ... مَا أَبْهَا رُبَاهُ وَأَحْسَنَا
فَاضَتْ مِيَاهُ عُيُونِهِ وَتَسَلْسَلَتْ ... فِي ظِلِّ نَبْتَاتٍ تَرُوقُ الأَعْيُنَا
كَأَنَّمَا نَزَلَتْ تَرَاهُ كَهَيْئَتِهْ ... أَلْقَتْ سَوَابِقَهَا وَرَكَّزَتِ الْقَنَا
وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا لِنَفْسِهِ:
قُلْ لِلْوَزِيرِ الْعَالِمِ الْمُتْقِنْ ... رَبِّ السَّمَاحَةِ وَاللِّسَانِ الأَلْسَنْ
إِنَّ الْوِزَارَةَ لا تَدُومُ لِصَاحِبٍ ... وَيَدُومُ ذِكْرُ حُسْنِهَا وَالْمُحْسِنْ
فَإِذَا وَلِيتَ وِلايَةً فَافْعَلْ بِهَا ... فِعْلا تَحُوزُ بِهِ ثَنَاءَ الأَلْسُنْ
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ أَيْضًا:
كَمْ فَاضِلٍ مُتَحَيِّرٍ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ... وَكَمْ مِنْ نَاقِصٍ مُتَخَيِّرِ
تلقي القصعة بِهَا لِلْفَقِيرِ وَلَمْ ... تَجِدْ فِيهَا الْغَنِيَّ سِوَى الْغَنِيِّ الْمُكْثِرِ
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ أَيْضًا:
تَقَنَّعْ بِالْقَلِيلِ وَكُفَّ كَفَّا ... وَعِفْهُ وَعِفْ سُؤَالَ الْبَاخِلِينَا
وَصُنْ إِنْ كُنْتَ حُرًّا حُرَّ وَجْهٍ ... يَعِزُّ عَلَى كَرِيمٍ أَنْ يَهُونَا ...
وَلا تَسْأَلْ سِوَى الرَّحْمَنِ رِزْقًا ... فَإِنَّ اللَّهَ خَيْرُ الرَّازِقِينَا
وُلِدَ ابْنُ الْحَكِيمِ بِحَلَبَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِصَرْخَدَ مِنْ أَعْمَالِ دِمَشْقَ يَوْمَ السَّبْتِ خَامِسَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ،