أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْحَلَبِيُّ لِنَفْسِهِ بِمَدِينَةِ عَيْنِ تَاب
رَبْع اشْتِيَاقِي..
أهل ... وَحُسْنُ صَبْرِي عَنْكُمُ رَاحِلْ
يَا أَهْلَ ذَاكَ الْحَيِّ مَيْتُ الأَسَى ... حَيَاتُهُ مِنْكُمْ لِقَاءٌ عَاجِلْ
مَا اضْطَرَمَتْ نِيرَانُ أَشْوَاقِهِ ... إِلا هَمَا مَدْمَعُهُ الْهَامِلْ
فَسَائِلُوا عَنْ حَالِهِ مَا جَرَى ... فَقُلْ جَرَى مِنْ دَمْعِهِ سَائِلْ
وَارْثَوْا لِصَبٍّ خَانَهُ دَهْرُهُ ... حَتَّى لَقَدْ قَاطَعَهُ الْوَاصِلْ
وَصَارَ مَنْ كَانَ بِهِ مُغْرَمًا ... يُنْكِرُهُ فَهُوَ بِهِ جَاهِلْ
عَلَى الْعَمَى نَاظِرُهُ مُشْرِفٌ ... وَالشَّوْقُ فِي مُهْجَتِهِ عَامِلْ
وَمَنْ تَكُنْ حَالَتُهُ هَذِهِ ... فَعَنْ قَلِيلٍ حَالُهُ حَائِلْ
وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا لِنَفْسِهِ:
أُعِيذُكَ مِنْ ...
فَرْطِ غَرَامِي ... وَعِظْمِ اشْتِيَاقِي فِي الْهَوَى وَهُيَامِي
بَذَلْتُ لَكَ النَّفْسَ الأَبِيَّةَ طَائِعًا ... فَأَخْلَفْتَ فِي عِدَتِي وَاطَّرَحْتَ ذِمَامِي
سَلامٌ عَلَى الْوُدِّ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا ... مَضَى فَمَضَى صَبْرِي وَزَادَ سَقَامِي
فَيَا..
هَذَا آخِرُ الْعَهْدِ بِالْكَرَى ... وَأَوَّلُ حَالٍ مُؤْذِنٍ بِحِمَامِ
وَيَا نَفْسُ كَمْ هَذَا الْفِعَالُ فَاصْبِرِي ... عَلَى هَجْرِهِ أَوْ وَدِّعِي بِسَلامِ
فَمَا الْحُبُّ إِلا لَوْعَةٌ وَصَبَابَةٌ ... وشج دُمُوعٍ بِالدَّوَامِ دَوَامِي
عَرَضْتُ عَلَى قَلْبِي حُبَّهُ فَلَمْ يُطِقْ ... وَاحْتَجَّ فِيهِ الْوَجْدُ نَارَ ضِرَامِي
وَأَعْجَبُ شَيْءٍ بَيْنَ جَوَانِحِي صبا ... وَمَنْ خفتي شَيْخ غَمَامِ
وَلَوْلا رَجَاءُ الْوَصْلِ ذَابَتْ بَشَاشَتِي ... وَلَكِنْ ذَهَابَ الرُّوحِ دُونَ مَرَامِي
إِذَا كَابَدَتْ قَلْبِي الْهُمُومُ وَرَضيت ... أَنْ أَنُوحَ مِمَّا جَنَتْ رَمِيمُ عِظَامِي
جَعَلْتُ لَهَا صَبْرِي مَكَانَ سَكِينَتِي ... فشيدت على الغلال طرق ملامي
وَيَحْسُنُ بِي أَنِّي أَجُودُ بِمُهْجَتِي ... وَيُفْتَحُ قَلْبِي فِي ذِمَامِ كِرَامِ
وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا لِنَفْسِهِ:
مَا شَاقَهُ بَانُ الْحِمَى وَضُرُوبُهُ ... إِلا وَنَضَحَتْ بِالدُّمُوعِ جُفُونُهُ
صَبٌّ مَشَى نَحْوَ الدِّيَارِ مُشَوَّقًا ... فَجَرَتْ مَدَامِعُهُ وَزَادَ حَنِينُهُ
هَلْ فِيكُمُ يَا أَهْلَ نَجْدٍ مُنْجِدٌ ... يَرْثِي لِصَبٍّ مُدْنَفٍ وَيُعِينُهُ
كَيْفَ الْخَلاصُ وَلِي جُفُونٌ كُلَّمَا ... نَزَفَتْ نَجِيعَ الدَّمْعِ عَادَ مَعِينُهُ
وَأَغَنَّ لَوْلا سَمْهَرِيُّ قَوَامِهِ ... مَا بَانَ قَلْبِي فِي الْوَثَاقِ ظَعِينُهُ
يَثْنِي مَعَاطِفَهُ وَيَرْنُو طَرْفُهُ ... فَتَغَارُ غِزْلان غُصُونُهُ
لَمْ أنْسَ لَيْلَةَ طَيْفِهِ إِذْ زَارَنِي ... زَوْرًا فَزَادَ صَبَابَةً مَجْنُونُهُ
فَهُوَاهُ دِينِي وَاعْتِقَادِي حُبُّهُ ... وَالصَّدُّ عَنِّي وَالْقَطِيعَةُ دِينُهُ
وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا لِنَفْسِهِ فِي رَجُلٍ الْتَمَسَ مِنْهُ رَمْلا وَكَانَ يبخل المجد الْمُعْطِي الرَّمْلَ وَالنجم هُوَ الآخِذُ:
يَا نَجْمُ حَظُّ الْبَدْرِ أَصْبَحَ نَاقِصًا ... تجلى الْهِلالُ نَحَافَةً وَمُحَاقَا
مُتَعَجِّبًا لِلْمَجْدِ فِي الْهِدَايَةِ ... زملا إِلَيْكَ سَخَائِهِ إِطْلاقَا
مَا كَانَ بَيْنَكُمَا وِدَادٌ مُوجِبٌ ... لِهَدْيِهِ بَلْ إِحْنَةً وَشِقَاقَا
لَوْ ثنيت الرَّمْلَ السَّحِيقَ بِكَفِّهِ ... يَوْمًا يَشِحُّ بِبَذْلِهِ إِشْفَاقَا
سَمَحَتْ يَدَاهُ لِعَجْزِهَا عَنْ مَسْكِهِ ... شُحًّا فَحَادِيهِ رِيَا وَنِفَاقَا
فحبال مِنْهُ وَأَعْقَبَتْهُ نَدَامَةٌ ... أَبَدًا نَدَاهُ يُجَفِّفُ الأَوْرَاقَا
سَمِعَ هَذَا الشَّيْخُ صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُوزْبَةَ الْبَغْدَادِيِّ الصُّوفِيِّ سَمَاعَهُ مِنْ أَبِي الْوَقْتِ بِسَنَدِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ بِجَامِعِ حَلَبَ وَسَمِعَ فِي التَّارِيخِ بِحَلَبٍ أَيْضًا عَلَى مُكْرَمٍ بِإِسْكَانِ الْكَافِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ الْقُرَشِيِّ الدِّمَشْقِيِّ جُزْءَ أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّافِقِيِّ وَغَيْرَهُ.