وَالثَّالِثَة أَن يحصل لَهُ من الذَّوْق وَالْوَجْه فِي نَفسه مَا كَانَ سَمعه كَمَا قَالَ بعض الشُّيُوخ لقد كنت فِي حَال أَقُول فِيهَا ان كَانَ أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة فِي مثل هَذَا الْحَال انهم لفي عَيْش طيب وَقَالَ آخر انه ليمر على الْقلب أَوْقَات يرقص مِنْهَا طَربا وَقَالَ الآخر لأهل اللَّيْل فِي ليلهم ألذ من أهل اللَّهْو فِي لهوهم دَرَجَات النَّاس فِي الايمان بِالآخِرَة وَالنَّاس فِيمَا أخبروا بِهِ من أَمر الْآخِرَة على ثَلَاث دَرَجَات احداها الْعلم بذلك لما أَخْبَرتهم الرُّسُل وَمَا قَامَ من الْأَدِلَّة على وجود ذَلِك الثَّانِيَة اذا عاينوا مَا وعدوا بِهِ من الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَالْجنَّة وَالنَّار وَالثَّالِثَة اذا باشروا ذَلِك فَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وذاقوا مَا كَانُوا يوعدون وَدخل أهل النَّار النَّار وذاقوا مَا كَانُوا يوعدون فَالنَّاس فِيمَا يُوجد فِي الْقُلُوب وَفِيمَا يُوجد خَارج الْقُلُوب على هَذِه الدَّرَجَات الثَّلَاث دَرَجَات النَّاس فِيمَا يخبروا بن من أُمُور الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ فِي أُمُور الدُّنْيَا فان من أخبر بالعشق أَو النِّكَاح وَلم يره وَلم يذقه كَانَ لَهُ علم بِهِ فان شَاهده وَلم يذقه كَانَ لَهُ مُعَاينَة لَهُ فَإِن ذاقه بِنَفسِهِ كَانَ لَهُ ذوق وخبرة بِهِ وَمن لم يذقْ الشَّيْء لم يعرف حَقِيقَته فان الْعبارَة انما تفِيد التَّمْثِيل والتقريب وَأما معرفَة الْحَقِيقَة فَلَا تحصل بِمُجَرَّد الْعبارَة الا لمن يكون قد ذاق ذَلِك الشَّيْء الْمعبر عَنهُ وعرفه وَخَبره وَلِهَذَا يسمون أهل الْمعرفَة لأَنهم عرفُوا بالخبرة والذوق مَا يُعلمهُ غَيرهم بالْخبر وَالنَّظَر وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح أَن هِرقل ملك الرّوم سَأَلَ أَبَا سُفْيَان بن حَرْب فِيمَا سَأَلَهُ عَنهُ من أُمُور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَهَل يرجع