وَهُوَ فِي التَّذْكِير أظهر لعدم دلَالَته على التَّأْنِيث فان الْكَلَام اذا احْتمل مَعْنيين وَجب حمله على أظهرهمَا وَمن تكلّف غير ذَلِك فقد خرج عَن كَلَام الْعَرَب الْمَعْرُوف وَالْقُرْآن منزه عَن ذَلِك والعدول عَمَّا يدل عَلَيْهِ ظَاهر الْكَلَام الى مَا لَا يدل عَلَيْهِ بِلَا دَلِيل لَا يجوز الْبَتَّةَ فَكيف اذا كَانَ نصا من جِهَة الْمَعْنى فقد أخبر الله أَنه يلهم التَّقْوَى والفجور ولبسط هَذَا مَوضِع آخر التَّزْكِيَة فِي الْكتاب السّنة وَالْمَقْصُود هُنَا أَمر النَّاس بتزكية أنفسهم والتحذير من تدسيتها كَقَوْلِه قد أَفْلح من تزكّى فَلَو قدر أَن الْمَعْنى قد أَفْلح من زكى الله نَفسه لم يكن فِيهِ أَمر لَهُم وَلَا يُنْهِي وَلَا ترغيب وَلَا ترهيب وَالْقُرْآن اذا أَمر أَو نهى لَا يذكر مُجَرّد الْقدر فَلَا يَقُول من جعله الله مُؤمنا بل يَقُول قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ قد أَفْلح من تزكّى اذ ذكر مُجَرّد الْقدر فِي هَذَا يُنَاقض الْمَقْصُود وَلَا يَلِيق هَذَا بأضعف النَّاس عقلا فَكيف بِكَلَام الله أَلا ترى أَنه فِي مقَام الْأَمر وَالنَّهْي وَالتَّرْغِيب والترهيب يذكر الْقدر عِنْد بَيَان نعمه عَلَيْهِم اما بِمَا لَيْسَ من أفعالهم وَإِمَّا بإنعامه بالايمان وَالْعَمَل الصَّالح ويذكره فِي سِيَاق قدرته ومشيئته وَأما فِي معرض الْأَمر فَلَا يذكرهُ الا عِنْد النعم كَقَوْلِه وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته مَا زكى الْآيَة فَهَذَا مُنَاسِب وَقَوله قد أَفْلح من تزكّى وَهَذِه الأية من جنس الثَّانِيَة لَا الأولى وَالْمَقْصُود ذكر التَّزْكِيَة قَالَ تَعَالَى قل للْمُؤْمِنين يغضوا