فَقَوله وَمن أوزار الَّذين يضلونهم هِيَ الأوزار الْحَاصِلَة لضلال الأتباع وَهِي حَاصِلَة من جِهَة الْآمِر وَمن جِهَة الْمَأْمُور المتثل فالقدرتان مشتركتان فِي حُصُول ذَلِك الضلال فَلهَذَا كَانَ على هَذَا بعضه وعَلى هَذَا بعضه الا أَن كل بعض من هذَيْن البعضين هُوَ مثل وزر عَامل كَامِل كَمَا دلّت عَلَيْهِ سَائِر النُّصُوص مثل قَوْله من دَعَا الى الضَّلَالَة كَانَ عَلَيْهِ وزرها ووزر من عمل بهَا الى يَوْم الْقِيَامَة وَمن هَذَا الْبَاب قَوْله تَعَالَى قَالَ ادخُلُوا فِي أُمَم قد قد خلت من قبلكُمْ من الْجِنّ والانس فِي النَّار كلما دخلت أمة لعنت أُخْتهَا حَتَّى اذا اداركوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَت أخراهم لأولاهم رَبنَا هَؤُلَاءِ أضلونا فآتهم عذَابا ضعفا من النَّار قَالَ لكل ضعف وَلَكِن لَا تعلمُونَ فَأخْبر سُبْحَانَهُ أَن الأتباع دعوا على أَئِمَّة الضلال بِتَضْعِيف الْعَذَاب كَمَا أخبر عَنْهُم بذلك فِي قَوْله تَعَالَى وَقَالُوا رَبنَا انا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا رَبنَا آتهم ضعفين من الْعَذَاب والعنهم لعنا كَبِيرا وَأخْبر سُبْحَانَهُ أَن لكل من المتبعين والأتباع تضعيفا من الْعَذَاب وَلَكِن لَا يعلم الأتباع التَّضْعِيف وَلِهَذَا وَقع عَظِيم الْمَدْح وَالثنَاء لأئمة الْهدى وعظيم الذَّم واللعنة لأئمة الضلال حَتَّى رُوِيَ فِي أثر لَا يحضرني اسناده انه مَا من عَذَاب فِي النَّار الا يبْدَأ فِيهِ بابليس ثمَّ يصعد بعد ذَلِك الى غَيره وَمَا من نعيم فِي الْجنَّة الا يبْدَأ فِيهِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ينْتَقل الى غَيره فَإِنَّهُ