ارادة الدَّاعِي الى الْهدى والضلال فالداعي الى الْهدى والى الضَّلَالَة هُوَ طَالب مُرِيد كَامِل الطّلب والارادة لما دَعَا اليه لَكِن قدرته بِالدُّعَاءِ وَالْأَمر وقدرة الْفَاعِل بالاتباع وَالْقَبُول وَلِهَذَا قرن الله تَعَالَى فِي كِتَابه بَين الْأَفْعَال الْمُبَاشرَة والمتولدة فَقَالَ ذَلِك بِأَنَّهُم لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب وَلَا مَخْمَصَة فِي سَبِيل الله وَلَا يطؤون موطئا يغِيظ الْكفَّار وَلَا ينالون من عَدو نيلا الا كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح ان الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفقُونَ نَفَقَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة وَلَا يقطعون وَاديا الا كتب لَهُم لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا كَانُوا يعْملُونَ فَذكر فِي الْآيَة الأولى مَا يحدث عَن أفعالهم بِغَيْر قدرتهم المنفردة وَهُوَ مَا يصيبهم من الْعَطش والجوع والتعب وَمَا يحصل للْكفَّار بهم من الغيط وَمَا ينالونه من الْعَدو وَقَالَ كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح فَأخْبر أَن هَذِه الْأُمُور الَّتِي تحدث وتتولد من فعلهم وَفعل آخر مُنْفَصِل عَنْهُم يكْتب لَهُم بهَا عمل صَالح وَذكر فِي الْآيَة الثَّانِيَة نفس أَعْمَالهم الْمُبَاشرَة الَّتِي باشروها بِأَنْفسِهِم وَهِي الانفاق وَقطع الْمسَافَة فَلهَذَا قَالَ فِيهَا الا كتب لَهُم فَإِن هَذِه نَفسهَا عمل صَالح وارادتهم فِي الْمَوْضِعَيْنِ جازمة على مطلوبهم الَّذِي هُوَ أَن يكون الدّين كُله لله وَأَن تكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَمَا حدث مَعَ هَذِه الارادة الجازمة من الْأُمُور الَّتِي تعين فِيهَا قدرتهم بعض الاعانة هِيَ لَهُم عمل صَالح وَكَذَلِكَ الدَّاعِي الى الْهدى والضلالة لما كَانَت ارادتهم جازمة كَامِلَة