يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق وَمِنْهُم من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار أُولَئِكَ لَهُم نصيب مِمَّا كسبوا وَالله سريع الْحساب وَحِينَئِذٍ فطالب الْجنَّة والمستعيذ من النَّار انما يطْلب حَسَنَة الْآخِرَة فَهُوَ مَحْمُود وَمِمَّا يبين الْأَمر فِي ذَلِك أَن يرد قَول هَؤُلَاءِ بِأَن العَبْد لَا يفعل مَأْمُورا وَلَا يتْرك مَحْظُورًا فَلَا يُصَلِّي وَلَا يَصُوم وَلَا يتَصَدَّق وَلَا يحجّ وَلَا يُجَاهد وَلَا يفعل شَيْئا من القربات فَإِن ذَلِك انما فَائِدَته حُصُول الثَّوَاب وَدفع الْعقَاب الَّذِي هُوَ النَّار فَلَا يفعل مَأْمُورا وَلَا يتْرك مَحْظُورًا وَيَقُول أَنا رَاض بِكُل مَا يَفْعَله بِي وان كفرت وفسقت وعصيت بل يَقُول أَنا أكفر وأفسق وأعصي حَتَّى يعاقبني وأرضى بعقابه فأنال دَرَجَة الرِّضَا بِقَضَائِهِ وَهَذَا قَول من هُوَ من أَجْهَل الْخلق وأحمقهم وأضلهم وأكفرهم أما جهلة وحمقه فَلِأَن الرِّضَا بذلك مُمْتَنع مُتَعَذر لِأَن ذَلِك يسْتَلْزم الْجمع بَين النقيضين وَأما كفره فَلِأَنَّهُ مُسْتَلْزم لتعطيل دين الله الَّذِي بعث بِهِ رسله وَأنزل بِهِ كتبه وَلَا ريب أَن مُلَاحظَة الْقَضَاء وَالْقدر أوقعت كثيرا من أهل الارادة من المتصوفة فِي أَن تركُوا من الْمَأْمُور وفعلوا من الْمَحْظُور مَا صَارُوا بِهِ اما ناقصين محرومين واما عاصين فاسقين واما كَافِرين وَقد رَأَيْت من ذَلِك ألوانا وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور وَهَؤُلَاء الْمُعْتَزلَة وَنَحْوهم من الْقَدَرِيَّة طرفا نقيض هَؤُلَاءِ يلاحظون الْقدر ويعرضون عَن الْأَمر وَأُولَئِكَ يلاحظون الْأَمر ويعرضون عَن