الْعلمَاء كَالْقَاضِي أبي بكر وَالْقَاضِي أبي يعلى وأمثالهما لما احْتج عَلَيْهِم الْقَدَرِيَّة بِأَن الرِّضَا بِقَضَاء الله مَأْمُور بِهِ فَلَو كَانَت الْمعاصِي بِقَضَاء الله لَكنا مأمورين بِالرِّضَا بهَا وَالرِّضَا بِمَا نهى الله عَنهُ لَا يجوز فأجابهم أهل السّنة عَن ذَلِك بِثَلَاثَة أجوبة أَحدهَا وَهُوَ جَوَاب هَؤُلَاءِ وجماهير الْأَئِمَّة أَن هَذَا الْعُمُوم لَيْسَ بِصَحِيح فلسنا مأمورين أَن نرضى بِكُل مَا قضى وَقدر وَلم يجىء فِي الْكتاب وَالسّنة أَمر بذلك وَلَكِن علينا أَن نرضى بِمَا أمرنَا أَن نرضى بِهِ كطاعة الله وَرَسُوله وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذكره أَبُو الْقَاسِم وَالْجَوَاب الثَّانِي أَنهم قَالُوا انا نرضى بِالْقضَاءِ الَّذِي هُوَ صفة الله أَو فعله لَا بالمقضي الَّذِي هُوَ مَفْعُوله وَفِي هَذَا الْجَواب ضعف قد بَيناهُ فِي غير هَذَا الْموضع الثَّالِث أَنهم قَالُوا هَذِه الْمعاصِي لَهَا وَجْهَان وَجه الى العَبْد من حَيْثُ هِيَ فعله وصنعه وَكَسبه وَوجه الى الرب من حَيْثُ هُوَ خلقهَا وقضاها وقدرها فيرضى من الْوَجْه الَّذِي يُضَاف بِهِ الى الله وَلَا يرضى من الْوَجْه الَّذِي يُضَاف بِهِ الى العَبْد اذ كَونهَا شرا وقبيحة ومحرما وسببا للعذاب والذم وَنَحْو ذَلِك انما هُوَ من جِهَة كَونهَا مُضَافَة الى العَبْد وَهَذَا مقَام فِيهِ من كشف الْحَقَائِق والأسرار مَا قد ذكرنَا مِنْهُ مَا قد ذَكرْنَاهُ فِي غير هَذَا الْموضع وَلَا يحْتَملهُ هَذَا الْمَكَان فَإِن هَذَا مُتَعَلق بمسائل الصِّفَات