الخيل، فرمحت بفرسانها 1، وترجّل معهم عدد آخر من الأجناد: فآمّن الله المسلمين وقذف الرّعب في قلوب المشركينِ 2. وطُحِنوا بين العسكرَيْن المُسْلِمَينْ. ودارت الدّائرة على قوات الفونسو، وجرح جرحاًَ بالغاً، إذِ لصق به عبد أسود طعنهُ في فخذه بخنجر، فتسلّل ومعه حوالي خمسمائة فارس مثخنين جراحاًَ وانسحب من المعركة، وفر ّجيشه، وطورد الفارّون في كلّ مكان، حتى دخل الظّلام فأمر ابن تاشفين بالكفّ عن المطاردة، وتسلّل الفونسو مع جماعته في جنح الظلام فارّاً إلى طليطلة، حيث توفّي أكثرهم في الطّريق، ولم يدخل معه طليطلة إلا حوالي مائة فارس 3.

لقد استمرّت المعركة يوماً واحداً لا غير، حطّم الله شوكة العدو ّالكافر، ونصر المسلمين، وأجزل لديهم نعمه، وأظهر بهم عنايته، وأجمل لديهم صنعه 4. وكلّ الدلائل (التي بيّناها) تشير أن خطّة أمير المسلمين كانت حسم المعركة بسرعة حتّى وإن كَثُرَت الخسائر، وذلك لاستغلال حماس المسلمين وقبل أن تفتر همة أمراء الطّوائف. وتحقّقت خطّته بأمر الله.

واستشهد عدد كبير من المسلمين بينهم عدد من العلماء الفضلاء وأعيان النّاس. ومن العلماء: ابن رميلة صاحب البشرى، وقد ترجم له ابن بشكوال في الصّلة 5فوصفه بأنه: "كان كثير الصّدقة وفعل المعروف، واستشهد بالزلاّقة مُقبلاً غير مدبر عام 479 هـ". واستشهد العالم أبو مروان عبد الملك المصمودي قاضي مرّاكش 6. والفقيه أبو رافع الفضل ولد الِحافظ العالم الأندلسي الفقيه الأديب أبي محمد بن حزم، قضى في معركة الزلاقة شهيداَ 7.

وهكذا كان العلماء على المقدّمة في كافّة الميادين، حصون الأمة وقادتها، ومثالها، قدوة للمسلمين، مثالاً صافياً نقيّاً دائماً، لا ينزوون عن الأحداث، ويبرزون في صفاء الجود والنّعمة، لا سيّما علماء القرآن الكريم والسنّة المطهرّة، وعلماء الشّريعة، والتّاريخ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015