عاثت بساحتك الظّبا يا دار ... ومحا محاسنك البلا والنار
فإذا تردّد في جنابك ناظر ... طال اعتبار منك واستعبار
أرض تقاذفت الخطوب بأهلها ... وتمخضّت بخرابها الأقدار
كتبت يد الحدثان في عرصاتها ... لا أنت أنت ولا الدّيار ديار
وقد سيرّ يوسف جيشاً بقيادة أخيه محمد بن تاشفين لاستعادتها، فانهزم المسلمون أولاً، ثم تمكّنوا من استعادتها عام 495 هـ/1102م بقيادة الأمير المرابطي أبي محمد مزدلي (استشهد بالأندلس عام 508 هـ) 1.
وفي هذه الفترة تبلغ الحرب الصّليبيّة ذروتها شرقاً وغرباً، فسقطت بيت المقدس (مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين) عام 492 هـ في أيدي الصليبين، ودقّت الأجراس في كلّ أنحاء أوربا فرحاً بذلك 2، واستخفّ الطرّب بالبابا باسكال الثاني فكان مرسومه بإعلان الحروب الصليبية في أسبانيا ضد المسلمين 3.
وعلى ذلك فإن أثر الزّلاّقة في إثارة الحروب الصليبية لا يقلّ عن أثر ملاذكرد. وإثارة الحروب الصليبية هذه دعا النّصارى المعاهدين والذين كانوا يعيشون في ظلّ الحكم الإسلامي بأمن ورفاهية، يقومون بالأعمال التخريبية داخل المجتمعات الإسلامية، فاتصلوا بطرقهم الخاصة بالفونسو يعلنون استعدادهم ليكونوا أدلاء على عورات المسلمين، وأن يقدموا له حوالي 12 ألفا من المقاتلين، وشجّعوه على غزو المسلمين 4 وكانوا عوناً له.
وتوفي أمير المسلمين عام 500 هـ عن عمر ناهز المائة 5، ولم يمنعه السن الكبير من الجهاد والعناية بشئون دولته، والسهر على رعيته، فكان رحمه الله من أهل الخير والاقتداء، وورثه ابنه علي بن يوسف الذي استمر في سيرة أبيه من القيام بالعدل وتولي الجهاد 6. في الأندلس.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة.