وصحّ ما توقعه المسلمون ففي السحر من يوم الجمعة 2 1 رجب عام 479 هـ1، هاجم الفونسو القوات الإسلامية بجميع قوّته الرّهيبة، هجوماً عامّاً، ظناً منه أن الّذي أمامه هي جميع القوات الإسَلاميّة، فتصدّى له الفرسان العشرة آلاف من المرابطين بقيادة أبي سليمان داود ابن عائشة، وعلى الرغم من عدم قدرتهم على الصمود أمام سيل الفرسان النّصارى، فقد استطاعوا تحطيم حدة وعنف هجمة النصارى، وتكسير موجتهم، بعد أن خسروا كثيراً من الشهداء، وتمّ الترّاجع إلى معسكر قوات الأندلس. واستمرّت صدمة النصارى رغم تكسّر حدّتها شديدة، فتراجعت القوات الأندلسية، ودارت عليهم الدائرة، وثبت ابن عبّاد وأبلى برغم ذلك بلاء حسناً، ثم أرسل كاتبه ابن القصيرة إلى يوسف يستحثه.
ولم يكن يوسف غافلاً، فقد كان يرقب المعركة، من على ربوته، ولمّا تأكّد أن الفونسو اقتحم معسكر الأندلسيين بجميع قواته، أخذ يدفع بعض قواته إلى قلب المعركة أرْسالاً لمساعدة ابن عبّاد، ليساعده على الثّبات، ثم حمل بنفسه بقوّته الاحتياطية إلى محلة الأذفونش من خلف جيش النّصارى، فاقتحمها المسلمون، ودخلوها، وفتكوا فيها، وقتلوا.
ثم أمر أمير المسلمين بضرب الطّبول، وزعقت البوقات، فاهتزّت الأرض، وتجاوبت الجبال والآفاق 2. ودوّت: "الله أكبر" وأشعل النار في المعسكر القشتالي، فطار لبّ الفونسو، واضطّربت قلوب النّصارى، وعادوا إلى محلّتهم بغضب، فصدموا جيش أمير المسلمين، فأفرج لهم عن محلتهم، ثم كر ّعليهم، فأخرجهم منها، ثم كرّوا عليه فخرج لهم عنها، ولم تزل الكرّات تتوالى في خطة محكمة لأمير المسلمين لإضعاف فرسان النّصارى،