أمرائها وملوكها، وجاءته بركات البابا، وتدفقت عليه جموع النّصارى الفرسان من مختلف أجزاء أوربا، فعاث في الأندلس الإسلامية فساداً حتى وصل الجزيرة كما ذكرنا، وأعلن تحديه لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين، ثم توجّه بقواته لمحاربة أمير سرقسطة ابن هود، وحاصرها، وألحّ عليها، وقاومت ببسالة. وعندما تأكّدت لديه أنباء عبور المجاهدين، رفع الحصار تاركاً أمر تصفية حسابه مع سرقسطة إلى ما بعد إيقاف هذا الزّحف، وحشد القوات النّصرانيّة من جيليقية، وليون، وبسكونية، واشتوِريش، وقشتالة 1، وكاتب ملك اراغون شانجه بن ردمير صاحب بنبلونة وكان مشغولاًَ بمحاصرة طرطوشة، فانضمّ إليه بقواته، وكاتب الكونت برنجار ريموند الذي كان يتأهب لغزو بلنسية فانضم إليه بقواته. وطلب النجدات من أمراء ما وراء البرت فلحق به سيل من الفرسان والمتطوّعين الفرنجة والألمان والإنكليز والإيطاليين، فأصبح جيشه كبيراً متفوّقاًَ في العُدَة والعَدَد والإمكانيات، واتّخذت المعركة شكل الحروب الصّليبيّة، فقد رفع القسّيسون والرّهبان والأساقفة صلبانهم، ونشروا أناجيلهم2 أمام القوات النّصرانيّة، وباركها البابوات وحثّوا عليها، ووجّهوها، بل تبايع رهبانهم على الموت.
وسار الفونسو بجيشه اللّجب مزهوّاً بتفوّقه في العَدَد والعُدَة، وبلغ به الزّهو وبجيشه أن قال: "بهؤلاء أقاتل الجنّ والإنس، وملائكة السماء" 3. وبلغ به الأمر أن قال: "بهذا الجيش ألقى إله محمد" 4 (صلى الله عليه وسلم) .
تحرك الفونسو باتّجاه المسلمين ليفرض المعركة عليهم في أرضهم بدلا منِ انتظارهم، وكان الجيش الإسلامي قد اختار مكان اللّقاء، ولما أصبح على مسافة 18 ميلا من القوات الإسلامية نزل هَناك. عندئذ أمر أمير المسلمين المعتمد بن عباد التّقدّم إلى سفح جبل أمام الأَذفونش بحيث يتراؤون، فظن الأذفونش أنّ عساكر المسلمين ليس إلا الذي يراه 5، فنجحت خطة أمير المسلمين الأوّليّة.
وقام الفونسو بترتيب جيشه، فقسمه إلى قسمين: الأوّل بقيادة الكونت جارسيان والكونت رودريك، وخُصّص لمهاجمة المعتمد بن عباد. والثاني: جناحا الفونسو بقيادة