كان ابن تاشفين على استعداد للعبور إلى الأندلس قبل استنجاد ملوك الطّوائف، فجاء الفرصة السّانحة، فاستنفر قواته للجهاد، فاجتمع له نحو من سبعة آلاف فارس، في عدد كثير من الرّجل1، وأقبل من بقي من جنده في مدينة مراكش حتى تكامل العدد، وكان قد أعدّ أسطولاً يتألف من مائة سفينة وعدداً من المراكب ليعبر فيها 2.
وبلغ الأذفونش (الفونسو السادس) استعدادات ابن تاشفن واعتزامه المجاز للأندلس، فأراد أن يجسّ النّبض، فكتب إليه يستحثّه على سرعة القدوم، وأغار علىِ البلاد في تظاهرة عسكرية جرّارة حتى وصل ساحل البحر عند الجزيرة، وكتب من هناك كتاباًَ، كتبه له بعض غواة أدباء المسلمين يغلظ له في القول، ويصف ما معه من القوة والعَدَد والعُدَد وبالغِ في ذلك. فلما وصل الكتاب وقرأه يوسف أمر كاتبه أبا بكر بن القصيرة أن يجيبه، وكان كاتبا مفلقاً، فكتب وأجاد، فلما قرأه على أمير المسلمين. قال: "هذا كتاب طويل، احضر كتاب الأذفونش واكتب في ظهره: "الذي سيكون ستراه" 3، والسلام على من اتبع هدى، وأردف الكاتب بيت أبي الطيب (المتنبي) :
ولا كتب إلا المشرفية والقنا ... ولا رسل إلا الخميس العرمرم
فلما وقف الأذفونش على الكتاب، ارتاع له وأنه بلي برجل لا طاقة له به 4.