خرج أعرابي، وكانت امرأته تَفْرَكُهُ، وكان يَصْلَفُهَا، فأتبعَتْهُ نواةً وقالت: شَطَّتْ نَواك، وناءَ سَفَرُكَ. ثم أتبعته رَوْثَةً وقالت: رثيتُك، وراثَ خبرُكَ. ثم (377) أتبعتهما حصاةً وقالت: حاصَ رزقُكَ، وحُصَّ أَثَرُكَ.
قال أبو هفّان: تفركه: تبغضه. ويصلفها: يبغضها. وأنشد:
(وقد أُخْبِرْتُ أَنَّكِ تَفْرَكيني ... وَأَصْلَفُكِ الغداةَ فلا أُبالي) (?)
وشطت: بعدت، وناء: بعد، وراث: أبطأ، وحاص: حاد. وحُصَّ: مُحِيَ.
قال أبو بكر: معناه: كاملُ الفِطْنَةِ، تامُّها، من قول العرب: قد ذَكَتِ النارُ تذكو: إذا تَمَّ وقودها. ويقال: أَذْكَيْتُها: إذا أتممت وقودَها. ويقال: مِسْكٌ ذكيٌّ: إذا كان تامَّ الطيبِ، كاملَ نفاذِ الريحِ. قال جميل (?) :
(صادَتْ فؤادي بعينيها ومُبْتَسَمٍ ... كأنَّه حينَ أَذْكَتْهُ لنا بَرَدُ)
(عذبٌ كأنَّ ذَكِيَّ المسكِ خالَطَهُ ... والزنجبيلُ وماءُ المزْنِ والشُّهُدُ)
ويقال: قد ذَكَّيْتُ الشاة: إذا أتممت (?) ذبحها، وبلغت الحدَّ الواجبَ فيه. قال الشاعر:
(نَعَم هو ذَكَّاها وأنتَ أَضعْتَها ... وألهاكَ عنها خُرْفَةٌ وفَطِيمُ) (?)
والعرب تقول: جَرْيُ المُذَكّيِاتِ غلابٌ (?) ، أي: جري المَسَانَّ مغالبةٌ، (378) وذلك أنَّ المُذكية من الخيل، وهي التي تمَّت قوتُها وشبابها، تُحمَلُ على الخَشِن من