(ندمتُ ندامة الكُسعي لمّا ... غدَتْ مني مُطلّقةً نوارُ)
(فما فارقْتُها شبعا ولكن ... رأيتُ الدهر آخذ ما يُعارُ)
(فكنت كفاقىء عَيْنَيْه عمْداً ... فأصبحَ ما يُضيءُ له النهارُ)
(وكانت جنّتي فخرجتُ منها ... كآدم حين أخرجه الضّرارُ)
(فلا يُوفي بحبِّ نوارَ عندي ... ولا كلفي بها إلاّ انتحارُ)
(ولو أَنّي ملكتُ يدي وقلبي ... لكانَ عليَّ للقدرِ الخيارُ)
(296)
قال أبو بكر: معناه: قد فرط من الفعل وسبق ما لا سبيل إلى الرجوع عنه.
وأول من قال هذا، وتمثل به، ضبَّة بن أُدّ.
أخبرني أبي - رحمه الله - قال: حدثنا (297) أبو بكر العبدي محمد بن عبد الله ابن آدم وأحمد بن عبيد قالا: حدثنا ابن الأعرابي قال: قال المفضل بن محمد (298) :
إن ضبة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر كان له ابنان، يقال لأحدهما: سعدٌ، وللآخر: سُعيْد، ابنا ضبة (299) . وإنّ إِبلَ ضبّة نفرت تحت الليل. فخرجا 190 / أيطلبانها، فلحقها سعد، فجاء بها. / وأما سعيد، فذهب فلم يرجع. فكان ضبة (199) بعد ذلك، إذا رأى سواداً تحت الليل مقبلاً، يقول: أسعْدٌ أم سُعيدٌ. فذهب قوله مثلا (300) .
قال أبو عبد الله بن الأعرابي: يضرب عند الرجل تسأله عن حاله، او تراه أقبل من حاجة فتقول: أَنجحٌ أمْ خيْبةٌ، أَخيْرٌ عندك أم شَرٌّ.
ثم أتى على ذلك ما شاء الله أن يأتي، لا يرجع سعيد، ولا يعلم له خبر. ثم إنّ ضَبَّة، بعد ذلك، بينما هو يسير والحارث بن كعب في الأشهر الحرم، وهما